الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حضر لي أحدهم وقالي لي أريد منحك توكيل للتفاوض مع البنوك حيال التسهيلات والتمويل الممنوح لي بمبلغ اجمالي قدره 25 مليون !! سألته: ماهو العمل الذي تقوم به حتى تقوم البنوك بمنحك هذه المبالغ؟ ذكر لي أعماله فتفاجأت كيف يقوم هذا البنك بمنحه 5 مليون وذاك البنك ٥ مليون وأحد البنوك أعلى من ذلك!! ماهي الميزانيات المالية التي اعتمدت عليها هذه البنوك لمنحك هذه المبالغ؟ أفاد أنه قدم لهم الميزانيات المطلوبة فسألته سؤالا أخيرا هل الميزانيات المقدمة حقيقية؟ فكانت المفاجاة بالإجابة ( ميزانيات مشي حالك) وحاليا يعيش هذا المواطن وعليه أوامر حبس صادرة من محاكم التنفيذ لصالح هذه البنوك.
في البداية لابد أن نعلم أن التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك وأيا كان المبلغ يكون هناك مسؤول علاقة يتابع سير هذه المبالغ التي يشترط البنك في عقوده أن تصرف في الغرض التي منحت من أجله لا أن يقوم المستفيد منها بصرفها على حياته الخاصة وبالتالي تكون الرقابة مستمرة على عمليات الصرف فهل فعلا تقوم البنوك بهذه الرقابة؟ وأين الرقابة الأقوى من مؤسسة النقد على مثل هذه التصرفات؟ وهل أي مكتب محاسب قانوني مرخص من الهيئة السعودية للمحاسبين يعتبر مكتبا معتمدا في المجال المصرفي ؟
ماذكرته من مثال هو لشخص واحد أو لشركة واحدة فما بالنا بجميع التعاملات في جميع البنوك والأعداد الهائلة من التسهيلات الائتمانية الممنوحة للشركات والمؤسسات فكل بنك وكل عامل فيه يريد تحقيق أهدافه التي من خلالها يحصل على البونص السنوي ولن تكتشف اي حالات مخالفة منذ السنة الأولى لعقود التسهيلات.
هذه المنظومة وهذه التعاملات تحتاج الى تنظيم أكبر ورقابة أقوى فالعميل ومكتب المحاسب القانوني والبنك هم أطراف لبداية عملية منح التسهيلات الائتمانية فأي خلل وتلاعب سيؤدي الى نهاية المطاف إلى الأضرار بالاقتصاد بشكل عام وبالمواطن بشكل خاص فالأمر يتطلب جهود مكثفة رقابية أقوى من مؤسسة النقد.
قد يأتي الجواب أن العميل المتلاعب بالميزانيات حتى يحصل على الملايين من البنك يتحمل مسؤوليته في النهاية حتى لو كانت نهايته في السجن فهو المتسبب الأول وهذا صحيح ولكن المانح للمبلغ الذي سهل له الحصول على الأموال دون رقابة قوية وبموافقة ائتمانية مبنية على مستندات مضروبة اضافة الى مكتب محاسب قانوني غير مؤتمن على مهنته كل هذه العوامل يجب أن تكون أيضا مسؤولة عن هذا الإخلال في أنظمة الدولة فإذا كان المواطن نهايته السجن فيجب أن يكون المصير نفسه لموظف البنك الذي اعتمد منحه المبلغ والمحاسب القانوني الذي منحه ميزانية غير صحيحة.
والكارثة ان الواقع هو عكس ذلك تماما فالبنك يتقدم بما يملكه من سندات لأمر للقضاء ويتعاقب طرف واحد ويترك الأطراف الأخرى المشاركة في ذلك.
هل يتمكن القضاء السعودي من اكتشاف هذه الحالات وعقاب كل من يشارك في الموافقة على التسهيلات الائتمانية ذات الميزانيات المضروبة؟ أم سيكون لمؤسسة النقد العربي السعودي دور فعال في هذا الجانب ؟ أما من ناحية اللجنة المصرفية فإن وصل إليها الموضوع فهي ستحكم بما تنص عليه العقود بين الطرفين وبالتالي انتصار البنوك وموظفيها مانحي التسهيلات المضروبة!!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال