الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقدر سوق العطور عالمياً بحوالي 38 مليار دولار وبنسبة نمو سنوياً في حدود 4%. أما في الشرق الأوسط حيث إن عوائد مبيعات العطور تصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً ويعد سوق العطور في السعودية أكبر سوق في الشرق الأوسط حيث بلغت عوائده بحدود 1.8 مليار دولار سنوياً ثم يأتي بعده سوق الإمارات بعوائد تقدّر بنحو 674 مليون دولار. وتشير الدراسات من أن المواطن السعودي يستهلك من 2 إلى 2.5لتر من العطر سنوياً مقارنة بالأوربي الذي يستهلك أقل من 500 مل من العطر على مدار العام.
والأسباب الرئيسية من وجهة نظري لارتفاع استهلاك العطور للسعوديين مقارنة بغيرهم يأتي لأسباب دينية وثقافية ومناخية. فأما الدينية فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان محباً للعطور بل وفي حديث روي عنه أن الطيب هو من أكثر الأمور المحببة لديه، ونقل عنه صلي الله عليه وسلم من أنه طيب الرائحة وأن عطره المفضل المسك وأنه لا يرد هدية العطر أبداً. وكذلك نُقل عن عمر ابن عبدالعزيز رضي الله عنه من أنه كان مشهور بعطوره وكان الناس يدفعون أموالاً لمن يغسل ثيابه ليدخلوا ثيابهم مع ثيابه حتى تمتلئ عطراً.
وأما الأسباب الثقافية فنحن في ثقافتنا المحلية نعبر عن مشاعرنا بالعطور. فالضيوف نكرمهم ونعبر لهم عن فرحتنا باستقبالهم عن طريق البخور الغالي في سعره والذي يحترق في دقائق معدودة ويرخص للضيف بل إنه من المتعارف عليه أنه كل ما كان الضيف عزيز لدي مضيفيه وضعوا له بخورا بحجم أكبر وأغلى تعبيراً عن تقديرهم لهذا الضيف. ومن المعروف في ثقافتنا المحلية أيضاً أنه بعد وجبة العشاء يتم توزيع العطور على الضيوف ليتعطروا بها اكراماً لهم وضيافة. بل ومن تأصل العطور في ثقافتنا المحلية دخلت حتى في أمثلتنا الشعبية وطريقتنا العربية المعروفة في استخدام الرمز والتلميح بدلاً من الأسلوب المباشر في التعبير مثل ” ما بعد العود قعود”. وأما الأسباب المناخية فالجو الحار لدينا قد يزيد من استهلاكنا للعطور وذلك إما لأن الجو الحار يقلل من ثبات العطر فنزيد من استهلاكه أو رغبة منا في أن نظهر بروائح زكية تغطي وتنعش حرارة الجو.
ومن المميزات المهمة في العطور التي يهتم بها السعوديون هي ثبات العطر. ففي دراسة أجريتها سابقاً عن المقصود بالعطر الأصلي من وجهة نظر السعوديين، فكانت صفة ثبات العطر هي من أكثر الصفات التي تميز العطر الأصلي عن التقليد من وجهة نظرهم. وأما عن المقصود بالثبات في العطر فلخصت الدراسة بأن المقصود به أن لا تتغير رائحة العطر بعد استخدامه وكذلك، أن تستمر الرائحة لساعات وبنفس التركيز وبدون تغيير.
وربما كان باعة العطور يفهمون زبائنهم بشكل كبير، فعلى الأرجح أن الأغلب قد صادف بائع مرة على الأقل خلال شراءه للعطور، بأنه يمتدح عطر بأن ثباته لا يقل عن ثلاثة أيام من وضعه. مع أن الهيئة العامة للغذاء والدواء لها رأي مخالف في تلك المسألة، حيث أنها وضحت من أن ثبات العطر ليس بالضرورة له علاقة بأنه عطر أصلي بل على العكس من ذلك، حيث أنها صرحت من أن بعض باعة العطور المغشوشة يخلطون العطر بمكونات غير صالحة للاستخدام الآدمي ومن مميزات هذه المكونات هي أن يستمر العطر بنفس التركيز لعدة أيام، فهذه الحقيقة العلمية تخالف تصورات المستهلكين عن مدى أصالة وتقليد العطور. فتصورات المستهلكين عن منتجات معينة قد تخالف الحقائق العلمية تماماً لكن هذه التصورات لها علاقة مباشرة على قرارات الشراء لهم، فمن المهم كثيراً معرفة تلك التصورات وأثرها في الشراء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال