الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
طوال عقود، كان موضوع أمن الطاقة يتعلق بالجغرافيا السياسية وضمان إمدادات النفط والغاز من المنتجين الذين يسيئون استخدام مركزهم المهيمن في الابتزاز السياسي. وقد يكون “سلاح الطاقة” الذي كان يخشاه الكثيرون قد أصبح قريبًا، حيث تقوم الدول بتنويع مورديها وطرق العبور وتتحول بشكل متزايد إلى الطاقة المتجددة. ولكن هناك تحد جديد يتم تجاهله في كثير من الأحيان. حيث أن مصادر الطاقة المتجددة التي تشكل حصة كبيرة من مزيج الطاقة حول العالم، لديها قابلية للتعرض لهجمات إلكترونية.
في عام 2006م، شكلت مصادر الطاقة المتجددة حوالي 19 في المائة من إنتاج الكهرباء في العالم. وبعد عشر سنوات، ارتفعت هذه النسبة إلى 24 في المئة. هذا الارتفاع واضح للغاية في كثير من الدول من حيث مزيج الطاقة. وقد يرى البعض أن التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة أدى إلى تحسين أمن الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على واردات النفط والغاز، والتي تكون عرضة للتأثير الجيوسياسي. لكن الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة المتجددة لا يضمن الإمداد المتواصل بالطاقة، مثل ما يحدث في المحطات المعتمدة على الوقود الأحفوري. فالطاقة المتجددة تعتمد على أنظمة التحكم الصناعية المتطورة وشبكات التوزيع. ونظرًا لعدم توفر مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية على مدار الساعة، فإنها تتطلب أيضًا حلول لتخزين الطاقة. وهذه الأنظمة كلها عرضة للهجمات الإلكترونية.
ولكي يتم إثبات هذه الحقيقة، قام أحد الباحثين في جامعة تلسا الأمريكية عام 2018م باختراق وإيقاف أحد توربينات الرياح الغير خاضعة للرقابة في وقت أقل من دقيقة واحدة، وذلك عن طريق الوصول إلى الخادم غير الآمن. حيث قام الباحث بتوصيل جهاز الكمبيوتر المحمول عبر خادم تلك التوربينة ليتمكن من الوصول على الفور إلى عنوان الـ IP الذي يمثل كل التوربينات في تلك الشبكة.
هذا مجرد مثال واحد على مدى تعرض محطات الرياح للهبوط والتوقف عن طريق الهجمات الإلكترونية. لذلك يجب أن تكون قدرتنا على الدفاع ضد هذه الهجمات أكثر أهمية من أي وقت مضى. وفقًا لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية، يعد قطاع الطاقة هدفًا خطيرًا للمتسللين. وقد قاد قطاع الطاقة جميع الصناعات في عام 2014م و2015م في الولايات المتحدة، حيث احتل المرتبة الثانية بين القطاعات. وفقًا لـ WindEurope ، فإن طاقة الرياح تنمو بشكل كبير مقارنة بأشكال توليد الطاقة الأخرى. في عام 2017م، نمت محطات الرياح البرية بنسبة 14.3 في المائة، في حين نمت المحطات البحرية بنسبة 101 في المائة مقارنة بعام 2016م.
وفي موقف أخر، حدث انقطاع تيار كهربائي في أوكرانيا في ديسمبر عام 2015م و2016م وتم إلقاء اللوم على الشبكة الكهربائية وعدم مقدرتها على التحمل. فيما أن السبب الرئيسي للانقطاع والذي أكتشف لاحقاً كان بسبب الهجمات الإلكترونية من جماعات مجهولة. وحسب التقارير قام المتسللون بتعطيل نظام تغذية أجزاء من العاصمة كييف، من خلال جهاز التحكم عن بعد من نظام التحكم الإشرافي وتحصيل البيانات (SCADA) والبنية التحتية الفرعية. ويتم تطبيق هذه الأنظمة أيضًا على محطات الرياح والمحطات الشمسية.
ما أريد قوله هنا؛ أننا في المملكة مقبلون على خطط طموحة للطاقة المتجددة، ونهدف إلى أن نكون مركزاً ريادياً للطاقة المتجددة خلال العشر سنوات القادمة بقدرة توليد كبيرة جداً، ممتدة عبر سلسلة القيمة بأكملها بدءً من التصنيع المحلي وصولاً إلى تطوير المشاريع محلياً ودولياً. لذلك يجب التعاون بين الجهات الحكومية ذات الاختصاص للحماية من الاختراقات، مع وجود معظم شبكات الطاقة وشبكات الإنترنت في أيدي القطاع الخاص في المستقبل بسبب التخصيص. وسيكون من الضروري بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لمعالجة البعد السيبراني لأمن الطاقة. يجب أن يكون الهدف هو إنشاء الثقة التي تمكن أصحاب المصلحة المختلفين من مشاركة المعلومات السرية حول الهجمات الإلكترونية. وكما أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة سيكون أمناً للطاقة؛ لذلك من الواضح أنه سيكون في النهاية أكثر قضايا أمن الطاقة إلحاحًا في الأعوام القادمة هو ضمان وجود دفاع إلكتروني فعال لشبكات الطاقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال