الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مازال الحديث مستمر – في منظومة ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة – حول التحديات التي يواجهها الرواد. وقد ظهر نقاش في هذا الخصوص قبل أيام في برنامج على شاشة قناة سعودية، كان واضح من النقاش في البرنامج وجود الكثير من التحديات والمعاناة، ليس فقط أصحاب المنشآت بل وحتى المسئول الذي كان يمثل هيئة معنيّة بالاهتمام بالرواد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والذي كان يتحدث وواضح الألم في حديثه.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا الكل يشتكي؟، أين المشكلة؟
الدراسات والأبحاث المتعلقة بتنظيم وتنمية بيئة ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية تعتبر قليلة إذا ما قورنت في دول أخرى. ولكن من ضمن هذه الأبحاث عددًا من الدراسات التي أجرتها شركات استشارات إدارية دولية وسعودية.
هذه الدراسات – بحكم اطلاعي عليها – لامست واقع منظومة ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة. إضافة الى أن فيها الكثير من التوصيات الواقعية والمرنة حول كيفية تحقيق النمو في هذا القطاع. وبالرغم من روح المبادرة الملاحظ من الجهات ذات العلاقة في العمل لتعزيز هذا القطاع الحيوي الا انه مازال يواجه تحديات صعبة ليكون بيئة جاذبة وتنافسية بل وحتى مستدامة. ويمكن تلخيص التحديات الأساسية في ست مجالات وهي اللوائح والتشريعات، الثقافة، وتنمية رأس المال البشري، الحصول على معلومات السوق، دعم البنية التحتية، الوصول إلى التمويل، وخلق الفرص أمام الرواد ومنشآتهم.
على مستوى اللوائح والتشريعات، وبالرغم من التحرك الجيد للوزارات الا أنه يلاحظ ان الريادي يصدم بأمر ما يعيقه عن التحرك ككثرة المتطلبات والشروط. وكأنه لا يوجد تنسيق بين هذه الجهات في وضع تشريعات تكاملية. وعلى مستوى ثقافة العمل الحر والتعليم نحو بناء رأس مال بشري مؤهل لهذا القطاع، فقد ظهرت أصوات مطالبة بتطوير هذا المجال مركزين على التعليم ودور الجامعات إلى تطوير بيئة أعمال أكثر احترافًا في المملكة وتحسين البيئة العامة لريادة الأعمال من خلال تعزيز ثقافة تسمح للأفكار الإبداعية والابتكار.
الجامعات السعودية قد تكون مقصرة في هذا المجال تاركين مسألة التدريب والتأهيل لجهات دخيلة على السوق وغير مؤهلة مثل ما يسمى بالحاضنات والمسرعات والتي لا تتعدى حدود كونها مشاريع عقارية لا تقدم برامج تطوير حقيقية.
أما معلومات السوق، فهي معضلة كبيرة. كيف للرواد ومنشآتهم أن يعملوا في بيئة لا توفر الإحصاءات والبيانات الأساسية اللازمة لضمان اتخاذ القرارات التجارية السليمة؟
لذلك هناك حاجة ماسة لدعم إيجاد الخدمات الاستشارية المحترفة التي ممكن أن تساهم في الوصول الى بيانات الأسواق من خلال أنظمة معلومات حديثة. أما على مستوى التمويل – والذي سأكتب فيه مقالتين لتوضيح الخلط الحاصل في فهمه – فالحاصل لدينا صعب تقبله بالرغم من كرم الدولة فيه وتعزيزه بكل ما يحتاج لإنجاح الرواد. ولكن للأسف 2% فقط من مجمل التمويل يذهب للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وهذه نسبة تعتبر صادمة إذا ما قورنت بنسب في بلاد أخرى مثل ماليزيا التي تدعم الرواد بحوالي 40% من مجمل التمويل للقطاع الخاص وألمانيا بحوالي 27% لنفس الغرض. ومسألة خلق الفرص للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مازالت في حيز برامج لم تفعل على ارض الواقع بالشكل المطلوب.
خلاصة القول، ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة – اليوم – تعتبر احدى محاور رؤية 2030 الاستراتيجية والرؤية هي البوصلة التي نعتمد عليها للوصول الى أهدافنا وغاياتنا المرجوة نحو مستقبل واعد. ومن الواضح أن التحديات أقوى من أن نتعاطاها – في مسألة دعم الرواد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة- بالطرق التقليدية بالعمل بشكل تماثلي وليس تكاملي، ومن المهم أن ندرك ونعي أن عام 2030 على بعد اقل من 11 عام من الان والهدف هو رفع مشاركة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بـ 35% في الناتج العام بحلول 2030. الباقي من الزمن أقل من القليل.
ربما نحتاج أن نطلب من الرؤية أن تتدخل جراحيا من خلال تأسيس هيئة عليا ترعى هذا القطاع الهام وتعمل تحت مظلة مجلس الاقتصاد والتنمية مباشرة وليس من خلال وزارة حتى يكون لها التأثير التشريعي الفاعل والتأكيد على تطبيق العمل التكاملي بين كل الجهات ذات العلاقة في دعم الرواد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال