الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تلعب الأحساء دورا محوريا في الازدهار الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، لما تزخر به من موارد طبيعية وزراعية و بشرية. كما أضاف لها تسجيلها في اليونسكو لما تكتنز به من مكونات تراثية بعدا آخر على الخارطة العالمية.
ولقد توج هذا الحراك مانظمته غرفة الأحساء التجارية من فعالية منتدى الأحساء للاستثمار 2019 في دورته الخامسة و الذي استمر مابين 20-21 مارس 2019. يأتي هذا الحراك منسجما مع رؤية المملكة 2030 و التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساس للدخل القومي وابراز القطاع الصناعي بمختلف مكوناته كداعم أساس للميزانية العامة.
استعرض المنتدى من خلال فترته عدة مبادرات استثمارية عرضت من عدة جهات رسمية، كأرامكو- المؤسسة العامة للري- وزارة البيئة وألمياه و الزراعة- جامعة الملك فيصل و غيرها. يفترض أن تضع هذه المبادرات عند تحقيقها الأحساء في مركز صناعي متقدم.
إن دعم و تشجيع الصناعة يعد خيارا استراتيجيا لا يمكن التغافل عنه للمملكة بشكل عام وللأحساء على وجه الخصوص، وذلك استثمارا لمواردها الطبيعية و الزراعية والبشرية، و هذه أهم مرتكزات الصناعة.
ولكن مهلا…..!!!!
ليست الغاية بأن تكون لدينا مدن صناعية كصناعية العيون أو الصناعية الثانية أو مدينة الملك عبدالله للتمور‘ بل أن يكون لدينا مدن صناعية تكون قادرة على المنافسة و قادرة للوصول إلى المستهلك بسهولة و بمعايير الجودة العالمية.
لا يمكن تحقيق هذه الثلاثية بدون أن يأخذ المهتمين بعين الاعتبار اعتماد على معايير الجودة سواء للمنتج أو للمنظمة على حد سواء، و هذا ما توفره هيئة التقييس العالمية الأيزو من خلال أنظمة الجودة المختلفة الأيزو 9001، الأيزو14001،الأيزو45001 وغيرها، وما توفره الهيئة السعودية للمواصفات و المقاييس من عدة مواصفات فنية للمنتجات المختلفة، إذ أنهما توفران كل ما يحتاجه المصنع من مواصفات ذات صلة بالمنتج أو المواصفات العالمية لأنظمة الجودة التى تعتبر جواز عبور للدول المستوردة. كما لا يمكن الوصول إلى المستهلك بسهولة بدون النظر إلى تطوير سلاسل الامداد مدعومة لوجستيا.
إن مركز الأحساء الجغرافي الذي يمتد على الساحل الشرقي من المملكة، يعطيها ميزة تنافسية إضافية على البعد اللوجستي إذ أنها حلقة وصل بين المملكة و دول الخليج من خلال بوابتها الجنوبية الشرقية إذا ما استثمر في القطاع اللوجستي و نعني به النقل الجوي ( المطار) و الميناء الجاف ( السكة الحديدية) و النقل البحري ( الميناء) وشبكة الطرق البرية.
إن الاستثمار في اللوجسيات يأتي أولا ضمن النظرة الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030 و ما أعلن عنه حديثا من برنامج ( تطوير الصناعة الوطنية و اللوجسيات) والذي يصبو إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومركزا لوجستيا عالميا. ثانيا، إن بناء قاعدة لوجستية قوية و فاعلة يعطي سلاسل الامداد الصناعية و كذا التوسع الصناعي دفعة قوية في الوصول إلى المستهلك و الأسواق الخارجية بسرعة و سهولة مما ينعكس إيجابا على تكاليف السلعة إذ لا يمكننا النظر إلى بناء قاعدة صناعية بدون دعم لوجستي كفؤ و فاعل، و الأحساء بموقعها الجغرافي المميز وبوجود المطار و السكة الحديدية وشبكة الطرق المرتبطة بدول الخليج مؤهلة بأن تكون نقطة جذب صناعي و مركز لوجستي فاعل.
من هنا إننا ندعوا أن ينظر المنتدى و المقيمين عليه في النسخة القادمة بنظرة أكثر تكاملية وذلك بالتطرق إلى الجانب اللوجستي وأن يضعوا بين أيدي المستثمرين قطاعات استثمارية جديدة على مستوى التوسع بالمطار وبناء سكك حديدية أكثر وصولية وبناء ميناء جاف و كذا التوسع في استخدام الميناء البحري.
حصل مطار الأحساء حديثا على شهادة الترخيص الدولية، ويكون بذلك انتقل من كونه مطارا محليا ليكون مطارا دوليا، كون هذ المطار دوليا يستلزم أن يؤهل لذلك ليدعم التقدم الصناعي و الازدهار السياحي للمنطقة، إذ أن بقاؤه على وضعه الحالي لن يكون بمقدوره مواكبة هذا التطور مما ينعكس سلبا على الخدمات اللوجستية المبتغاة، ولقد عقدت عدة ورشات عمل لرفع مكانته ليواكب نهضتها و تطورها و الذي يأمل الجميع أن توجد حلول إيجابية مبدعة تتناغم مع تطلعات المصنعين و الأهالي على حد سواء. وليكون أكثر دعما للصناعة ينبغي أن تفتح خطوط جوية جديدة توصله بالعالم وبناء قاعدة لوجستية بجانبه.
كما تطرقنا إلى النقل الجوي، يجدر بنا و نحن نتناول التمكين اللوجستي لمنطقة الأحساء أن نتطرق إلى الميناء الجاف و حاجة منطقة الأحساء و هي مقبلة على التوسع الصناعي بوجود المدينة الصناعية الثانية المدينة الصناعية الثالثة و مدينة الملك عبدالله للتمور متناغمة بذلك مع الرؤية الاستراتيجية للمملكة 2030. أن وجود الميناء الجاف على غرار ما هو موجود بمدينة الرياض ليكون قاعدة لوجستية أخرى خادمة وداعمة للنشاط الصناعي بالمنطقة أمرا بالغ الأهمية. هذا إذا ما أوصلت هذه الشبكة من السكة الحديدية بالجبيل ورأس الخير لزيادة قابليتها الاستثمارية. إن مثل هذا التوجه الاستثماري سيكون داعما مهما لتمكين الصناعة و ازدهارها في مدينة الأحساء.
أما نقطة الجذب الأخرى على مستوى اللوجستيك هو وجود ميناء العقير. من المعلوم أن ميناء العقير لم يكن الشريان الأقتصادي البحري للمملكة منذ تأسيس الدولة بل له مكانته السياسية و الفكرية أيضا. كان هذا المنفذ البحري يلعب دورا محوريا على مستوى التبادل التجاري في ربط المملكة من خلال مجالها بالعالم الخارجي لما وراء البحار تحديدا الهند و الصين، إذ عبره كانت ترد البضائع إلى وسط المملكة و شرقها، ولم يكن ميناء استيراد فقط، فمنه كانت تصدر البضائع إلى المناطق الأخرى ايضا ،وبذا يكون الميناء تاريخيا مؤهلا لأن يكون انطلاقه لوجستية حديثة إذا ما سلط عليه الضوء من قبل المنتدى لجذب رؤوس الأموال واستثمار قيمته التاريخية ليكون بالإضافة إلى ذلك قاعدة جذب سياحي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال