أمين السر في مجلس الإدارة .. الجندي المجهول

لو بحثنا في مواقع البحث أو غيرها من الكتب والمصادر والأبحاث باللغة العربية عن أعضاء مجالس الإدارة في الشركات والتحديات التي يواجهونها وطرق تعزيز فعاليتهم لما وسعنا الجهد ولا الوقت لقراءتها لكثرة المعلومات فيها ووفرتها، لكن عندما يأتي البحث عن الشخص الذي قد يوازي في أهميته في تحقيق نجاح اجتماعات المجلس أهمية المجلس في تحقيق نجاح الشركة لما وجدنا الكثير، هو الجندي المجهول وكما أعتبره صمام الأمان لمجلس الإدارة.. وهو أمين السر في المجلس. غالبية المصادر تمر عليه مرور الكرام دون إدراك لأهميته أو وعي بدوره في تطبيق الحوكمة.  

كما أن الشركة تعول على مجلس الإدارة في تطبيق الحوكمة فيها فمجلس الإدارة يعتمد على أمين السر في المجلس للتحقق من تطبيق الحوكمة في المجلس وذلك بالتأكد من اتباع المجلس والتزامه بإجراءات عمل المجلس وجميع الآنظمة واللوائح ذات الصلة والمساهمة في وضع آليات لتنظيم العلاقات بين الأطراف المختلفة ذات العلاقة بالمجلس. لا يقتصر دور أمين سر المجلس في حضور الاجتماعات وتوثيقها مع الأهمية الكبرى لهذا الدور لكن دوره يبدأ قبل بداية الاجتماع من تنسيق للاجتماعات وإعداد لجدول الأعمال والتنسيق مع الإدارة التنفيذية أو الأطراف ذات الصلة في حال تطلب حضور أي منهم للاجتماع، ثم دوره أثناء الاجتماع أن يكون الأذن الواعية واليد الأمينة في كتابة المحاضر وتوثيق مداولات المجلس وقرارته ثم بعد الاجتماع من اتخاذ الاجراءات المتبعة في اعتماد القرارات ومتابعة تطبيقها وحفظ المحاضر وأرشفتها. 

لا ينتهي دور أمين السر عند هذا الحد، فهو قد يكون المستشار المؤتمن في المجلس والذي يلعب دور الحياد فيه فيشركه كثير من رؤساء المجالس في المداولات ويستأنسون برأيه، وتشتد أهميته في تقديم المشورة إذا كان المجلس معين حديثاً وسبقهم أمين السر خبرة في المجلس، أو كان أحد كبار التنفيذيين في الشركة. وتبرز أهمية أمين السر في عدد من الأمور منها:

1- أن أهمية أمين السر من أهمية المحاضر التي هو المعني الأول بتوثيقها حيث تعتبر كمرجع لأعضاء مجلس الإدارة ولغيرهم في جميع الأمور المتعلقة بتداولات مجلس الإدارة وقراراته فتعتبر كتاريخ لاجتماعات المجلس فيعتد بها عند القضاء ويستفيد منها أعضاء مجالس الإدارة المعينين حديثاً وغيرها.

2- عدم ارتباط دورته بدورة مجلس الإدارة غالباً مما يعطيه الفرصة لمعاصرة أجيال من مجالس الإدارة، فثباته يعطي نوع من الاستقرار في المجلس عند تغير الأعضاء.

3- علاقته المهمة بكلا الجهتين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، فيعتبر ملم بالصورة الأكبر ويرى الأمور من جميع الزوايا.
4- أخيراً وليس آخراً وبالإضافة إلى ما سبق يكون أمين السر حاضراً في أغلب اجتماعات المجلس وأحياناً اجتماعات اللجان فيكون ملم بكثير من المواضيع التي قد يغفل عنها بعض الأعضاء فهو كما تسميه بعض الدراسات الأجنبية “ذاكرة المجلس”.. 

فلذلك يتطلب مع هذا كله حسن اختيار الشخص الذي سيقوم بهذا الدور والحرص على أن يكون على قدر عالي من التعليم والخبرة وملهم بمهارات التواصل وإدارة الوقت ومهارات الكتابة، ولديه روح المبادرة ومهارات القيادة، وبذل المال والجهد في تدريبه وصقل مهاراته؛ لتعزيز دوره في المجلس مما له أكبر الأثر في كفاءة الاجتماعات وجودة القرارات المتخذة فيه.