الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لفت انتباهي كثرة التعليقات من المواطنين على نشرة الهيئة العامة للإحصاء عن دخول وإنفاق الاسر في السعودية الصادرة بداية هذا الشهر، وكانت معظم تلك التعليقات احتجاجية تهكمية وتنكر مصداقية الاحصائيات، وأن الهيئة بالغت في النتائج في الجانبين الدخل الإنفاق.
قبل البحث في النتائج أود التأكيد على أن نشرات الهيئة العامة للإحصاء موثوقة بدرجة كبيرة جدا خصوصا في السنوات الأخيرة، ودقيقة بدرجة كافية يمكن الاعتماد عليها في الدراسات والبحوث. ومعظم التعليقات على النتائج يبدو عليها عدم التخصص، والحماسة المفرطة. لكنها تدل بشكل واضح على صدمة المجتمع بتلك النتائج.
بداية أعترض كثيرون على أن دخول الأسر السعودية التي بلغ متوسطها 14823 ريال كبيرة ومبالغ فيها، والحقيقة أن هذه النتيجة تشير إلى انخفاض دخل الأسرة السعودية، ويدل على ذلك الانخفاض في دخل الأسرة انخفاض دخل الفرد السعودي الذي لم يتجاوز متوسطه 3307 ريال. كما يؤكد انخفاض دخل الأسرة السعودية أنه بعد إضافة جميع السكان لمتوسط الدخل (إي غير السعوديين) لم يكن انخفاض المتوسط كبيرا، حيث بلغ 11984ريال، مما يدل على تقارب دخول الأسر السعودية وغير السعودية.
ومتوسط الانفاق العام للسعوديين الذي بلغ 16125 ريال قوبل بنقد شديد من المعلقين على النشرة، وتركز النقد على عدم مصداقية هذا الرقم، وأنه مبالغ فيه. والواقع أن النقد في غير محله من حيث عدم المصداقية، لكن ارتفاع الإنفاق وخصوصا الاستهلاكي الذي بلغ 14584 ريال فملاحظ فعلا. وهنا يمكن ملاحظته أن الفرق بين الإنفاق العام والاستهلاكي بسيط جدابحيث تجاوز 1500ريال بقليل، وهذا مؤشر على انخفاض النفقات الرأسمالية. كما أن الفرق بين متوسط نفقات السعوديين ومتوسط إجمالي نفقات السكان كبير نوعا ما حيث تجاوز 3300 ريال، وهو مؤشر واضح على أن معدل إنفاق السعوديين أكبر من غير السعوديين بنسبة عالية، ويؤكد هذه النتيجة مؤشر جيني المرتفع، كما يؤكد تفاوت الإنفاق بين طبقات المجتمع السعودي. أما الفرق بين الدخل والنفقات فيمثل الديون التي تتحملها الأسر في سبيل جسر الفجوة بين دخولهم وانفاقهم.
لكن يجب التأكيد على أن المجتمع السعودي مجتمع استهلاكي بامتياز، ولا أدل على ذلك من أن الانفاق على السلع والخدمات الشخصية يأتي في المرتبة الثانية بواقع 20٪ من حجم الإنفاق بعد السكن والطاقة الذي تجاوز 23٪ بقليل من اجمالي حجم الإنفاق.
ملاحظتي الأخيرة على النشرة عن مصادر دخول السعوديين التي تمثل الرواتب والأجور 75.5٪ منها، والمساعدات الاجتماعية 14.7٪، بينما 9٪ الباقية تتوزع بين مجالات الدخل الأخرى. وهذه النتيجة المؤلمة برأيي تؤكد أن المجتمع السعودي بعيد كل البعد عن العمل الحر، بل تؤكد ما هو أسوأ أن معظم دخول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تذهب لغير السعوديين.
النشرة غنية بالمعلومات والنتائج التي تستحق الدراسة والتعليق، شكرا للهيئة العامة للإحصاء على هذه الشفافية، وأتمنى مزيدا من التطوير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال