الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهد العالم منذ منتصف القرن الماضي وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قيام الكثير من الدول في العالم بالتوسع في إنشاء المشروعات الحكومية المملوكة للدولة لإعادة بناء ماتم تدميره أثناء الحرب ولتحقيق العديد من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والتي تتمثل في: توفير السلع الأساسية مجاناً أو بأسعار مخفظة من تحت ما يسمى بالدعم الحكومي بحيث تقل قيمة هذه السلع عن تكلفة الإنتاج وتطوير البنية التحتية التي تخدم المواطنين وتوفير فرص عمل لهم وإعادة توزيع الدخل كما تهدف إلى إنشاء صناعات مخصصة للتصدير أو الإحلال محل الواردات بالإضافة إلى زيادة التحكم والسيطرة على القطاعات الاستراتيجية، مثل: الدفاع والتعدين والنقل والاتصالات وغيرها .
وقد شهدت العقود الثلاثة الأولى من النصف الثاني من القرن العشرين نمواً سريعاً في عدد وحجم المشروعات الحكومية، حيث سيطرت المؤسسات والشركات العامة على جانب كبير من النشاط الاقتصادي سواء الدول النامية أو المتقدمة، وصارت الشركات العامة تساهم في الاقتصاد بشكل كبير إلا أنَّ الأداء الاقتصادي لهذه المشروعات الحكومية تعرض لانتقادات عديدة من أهمها:
• انخفاض معدل الربحية وتحقيق خسائر بسبب انخفاض الكفاءة أو الرغبة في تحقيق بعض الأهداف الاجتماعية دون أخذ عامل التكلفة في الاعتبار.
• سوء استخدام الموارد بسبب الدعم الحكومي و/ أو الائتمان الميسر بضمانات صريحة أو ضمنية من الحكومات.
• انخفاض القدرة على القيام بأنشطة البحوث والتطوير والتي يستلزم القيام بها توافر إمكانيات مالية وفنية وبشرية كبيرة.
• الإفراط في مركزية اتخاذ القرار وانخفاض المرونة المتاحة للمديرين التنفيذيين وتفشي البيروقراطية.
• الفشل في تحقيق الأهداف الاجتماعية للعديد من تلك الجهات.
• انخفاض الكفاءة الفنية والاقتصادية.
• تدني الخدمة المقدمة للمواطنين كماً ونوعاً.
• تفشي الفساد الإداري والمالي
كيف نشأت الخصخصة وما هي المحركات الرئيسية؟
أصبحت الجهات العامة المملوكة للدولة تعمل بشكل غير اقتصادي وتحقق خسائر ضخمة، وأصبحت تمثل عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة، وعلى الأنظمة الاقتصادية، وتمتص الموارد العامة المحدودة لهذه الدول؛ لذلك ظهرت الخصخصة كحل لتلك المشاكل واتجه للأخذ بها العديد من دول العالم – المتقدمة منها والنامية – وخاصة الدول التي يمثل فيها القطاع العام الركيزة الأساسية للاقتصاد القومي، لقد كانت بريطانيا من أوائل الدول التي تبنت برامج الخصخصة ونفذتها كبرنامج عمل لتحقيق معدل نمو اقتصادي أفضل وذلك في عهد رئيسة الوزراء البريطاني مارغريت تاتشر حيث قامت في أوائل الثمانينات بتطبيق برنامج واسع لتخصيص المشروعات التي تمتلكها الحكومة وتحويلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص وقد حققت من ذلك نقلة نوعية ناجحة.
وكان للدول الصناعية الكبرى الريادة في هذه المشاريع؛ ويرجع السبب في ذلك الى رغبة هذه الدول في زيادة كفاءة وفعالية إدارة شركاتها العامة، أما الدول النامية فقد راقبت تلك المحاولات لهذه الدول وحينما وجدت أن التجربة مفيدة نوعاً ما، قامت بالمبادرة في تطبيقها في دولها كخيار مناسب لاقتصادات تلك الدول وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى اتجاه معظم الدول النامية نحو الخصخصة، وتمثلت هذه الأسباب فيما يلي:
• الضغط المتزايد من المؤسسات المالية، مثل: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على الدول النامية من أجل تطوير أنظمتها الاقتصادية وإعادة جدولة ديونها والتحول نحو آليات السوق
• العجز المستمر في الموازنات العامة لمعظم هذه الدول والأزمات المالية التي تعاني منها تلك الحكومات.
• ضعف كفاءة وفعالية القطاع العام وسوء استخدام الموارد المتاحة وفشل الكثير منها في تحقيق معدلات التنمية المستهدفة.
• التخلص من المشروعات الخاسرة، حيث إنَّ هذه الدول مثقلة بأعباء المشروعات العامة والتي لا تعمل بصورة جيدة.
• تدنى مستويات أداء شركات القطاع العام والإخفاق في مجهودات إصلاح الهياكل التمويلية لهذه الشركات.
ولذلك اتجهت معظم الدول النامية إلى تنفيذ برامج التخصيص كأداة لتطوير وتحسين كفاءة الاقتصاد القومي والحد من الأعباء المتزايدة على الموازنة العامة للدول وتنشيط وضخ استثمارات جديدة في شرايين الاقتصاد القومي وحسن التوزيع والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال