الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد اسبوع من موقف المملكة الإنساني لإنقاذ طاقم ناقلة النفط الإيرانية قبالة سواحل جدة في البحر الاحمر بعد تعطلها وطلبها الاستغاثة، تعرضت ناقلتين سعوديتين لهجوم تخريبي في مضيق هرمز قبالة المياه الاقليمية لدولة الامارات العربية المتحدة وتحديدا امارة الفجيرة.
حتى وإن لم يُعلن رسمياً عن مسببي هذا الهجوم، وحتى وان لم تتجه أصابع الاتهام إلى الحرس الثوري الإيراني والذي تديره ملالي طهران لدعم الارهاب ونشر الفوضى في المنطقة، فإن تضييق الخناق على إيران بالعقوبات الاقتصادية وتحجيم صادراتها النفطية، يجعلها تستخدم الورقة الخاسرة بتهديد الممرات المائية وعمليات التخريب التي تهدد امن الطاقة العالمي.
يقع مضيق هرمز الذي يبلغ عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60م فقط، في منطقة الخليج العربي ويبلغ عرض ممرّي الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي 10.5 كم). وتعبره 20-30 ناقلة نفط يوميا بمعدّل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة. ويفصل المضيق ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، فهو المنفذ البحري الوحيد لاربع دول خليجية هي: العراق، الكويت، البحرين، وقطر وتطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.
تأخذنا الذاكرة قبل عام عندما جاء القرار السعودي بإيقاف مرور ناقلات النفط مؤقتا من مضيق باب المندب جاء بعد ان تعرضت ناقلات سعودية في البحر الاحمر لهجوم من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من ايران، وقع الهجوم غرب ميناء الحديدة اليمني، هجوم امس يُعد الهجوم على ثلاث ناقلات نفط سعودية في اقل من اربعة اشهر، حيث تسبب الهجوم الاول عند مضيق باب المندب في إصابة ناقلة بإصابات طفيفة، وواصلت السفينة مسيرها إلى جهة وصولها، اثناء عبورهم المضيق، وهذا تهديدًا صارخًا للملاحة البحرية وتهديداً لأمن الطاقة العالمي، والتجارة الدولية.
عرقلة طرق مرور ناقلات النفط الحيوية سوف يؤثر على الملاحة البحرية، ويمثل تهديدًا خطيرا لحرية الملاحة والتجارة الدولية وسوف يؤثر على ارتفاع الأسعار، نظرا إلى إضافة تكاليف التأمين على الناقلات النفط. النقل الآمن للنفط أمر بالغ الأهمية للتجارة العالمية والنمو الاقتصادي.
تحركات وتجارة النفط العالمية سوف تتأثر، ما سيؤدى لارتفاع النفط، وكذلك ارتفاع تكاليف الشحن، إضافة إلى تهديد أمن الطاقة العالمي، وهذا ضرره الأكبر ليس على الدول المنتجة للنفط فحسب، بل سيكون الضرر الأكبر على الدول المستهلكة للنفط أيضًا.
تأتي هذه العمليات التخريبية بعد فشل إيران في إغلاق مضيق هرمز مما جعلها تلجأ الى خيار اخر تستخدمه العصابات عادة وهو تهدد أمن الطاقة العالمي في عبور الناقلات، فإيران تلجأ عادة الى التلويح والتهديد الصريح بإغلاق مضيق هرمز فقد سبق لملالي طهران ان استخدموا هذه الورقة خلال حربهم مع العراق، وتقريبًا عند كل توتر بين ايران والولايات المتحدة في محاولات للضغط على دول الخليج، ورغم كل ذلك لم يحدث ان استطاعت واغلقت المضيق.
مضيق هرمز معبر دولي مهم للغاية، ويحقّ للسفن المرور فيه دون شرط، ومن حق جميع الدول الملاحة فيه، ولا يملك أحد التحكم به، ففي القانون الدولي المضيق جزء من أعالي البحار، وهذا المضيق يمثّل عنق زجاجة لكثير من صادرات الخليج العربي النفطية، لذلك من المحال أن يترك للعبث تحت أي ظرف فتأثيراته على سوق الطاقة والاقتصاد العالمي كبيرة جدا.
مضيق هرمز أهم ممر مائي لتجارة النفط في العالم؛ حيث يمر عبره يوميا اكثر من %30 من اجمالي صادرات النفط ومشتقاته للعالم. وبالرغم من تكرار التهديد بإغلاقه، إلا أنه لم يسبق له أن أغلق، ولا تملك إيران سوى افتعال بعض المشكلات التي تهدد أن تجعل المرور من خلاله محفوفاً بالمخاطر، بنشر عدد من الألغام، ولكن آثار ذلك ستكون كارثية على إيران حيث سيفتح عليها أبواب جهنم، ابتداءً من انهيار ما تبقى من اقتصادها المنهار أصلا، وصولا إلى ما هو أخطر خصوصا بعد اتحاد العالم أجمع ضدها.
ترتيب الممرات المائية من حيث الأهمية كالتالي: مضيق هرمز ومضيق ملقا، وقناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق البسفور وقناة بنما، ويعتبر مضيق باب المندب شريان رئيسي للحركة الاقتصادية والتجارية العالمية، ويعد رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر به يوميًّا، حيث يمر عبر المضيق أكثر من 5 ملايين برميل يوميًّا من النفط ومشتقاته، وحوالي 10 بالمئة من الغاز الطبيعي المسال.
عرقلة هذا الطريق الحيوي الذي يربط البحر الأبيض المتوسط ببحر العرب والمحيط الهندي سوف يؤثر على الملاحة البحرية، ويُؤخّر وصول إمدادات الطاقة من النفط والغاز والمشتقات البترولية إلى السوق الأوروبي، لأن الناقلات سوف تضطر إلى الإبحار عن طريق رأس الرجاء الصالح (جنوب افريقيا)، للوصول إلى السوق الأوروبية مما سيُطيل المسافة كثيراً وسوف تستهلك الناقلات وقوداً اكثر. ومن المثير للسخرية أن الإتحاد الأوروبي يُعارض عودة العقوبات الاقتصادية على إيران!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال