الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد مضي اكثر من عام على اتفاق دول أوبك تخفيض حصص الإنتاج بهدف الوصول إلى سعر توازني وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق النفط، أتى قرار الإدارة الأمريكية في الأيام الماضية إنهاء الاستثناءات لما يسمى بـ”تصفير النفط الإيراني”، أي وقف استيراد النفط الايراني من دول متعددة جراء ممارساتها المتكررة ضد الأمن والاستقرار في المنطقة.
القرار يأتي بالطبع للضغط على الجانب الإيراني “المتعنت” منذ زمن ولتحسين “سلوك” السياسة الإيرانية في المنطقة والتوقف عن دعم الإرهاب، وذلك بعد مضي أكثر من عام أيضا على قرار الإدارة الأمريكية الانسحاب من الاتفاق النووي معها والذي تم توقيعه في عام 2015م إبان حكم الرئيس الديموقراطي اوباما.
هناك ابعاد لهذه القرارات وخاصة على أسعار النفط، والمعروض النفطي، لمقابلة الإنتاج العالمي للسلع الأخرى، فمن الطبيعي بعد هذه القرارات ان ينخفض المعروض العالمي للنفط المقدر يوميا ب١٠٠ مليون برميل، وبالتالي سترتفع الأسعار، ولكن هناك دول، وعلى رأسها المملكة، تقوم عادة بتغطية العجز في المعروض للمحافظة على اتزان الأسعار تجنبا لحدوث خلل توازني قد يضر بدول أخرى مستوردة، من أهمها الصين والهند.
المملكة تنتج يوميا ما يقارب 9.3مليون برميل، وطاقتها الإنتاجية تقارب 12مليون برميل يوميا باحتياطيات تبلغ 256مليون برميل، لذلك هناك إمكانية لزيادة الإنتاج فوق الـ 10 ملايين برميل ان دعت الحاجة لذلك، للحفاظ على توازن السوق.
الأسعار الحالية في بحر الـ 70 دولار، ولا توجد ملامح واضحة إلى المستوى المأمول للأسعار، ولا الكيفية التي من الممكن التحكم بها، وهل مستوى 65 -70 دولار مقبول بالنسبة للمنتجين وكذلك المستهلكين، أم ان الأسعار في ظل التطورات الحالية والعقوبات المفروضة على إيران حاليا، والأزمات الداخلية في ليبيا وفنزويلا سوف تؤدي فعليا للارتفاع، بالإضافة إلى ان التوقعات تشير إلى انخفاض معدل نمو الاقتصاد العالمي في نهاية 2019م مما قد ينبىء بانخفاض الطلب العالمي على النفط- على الأقل – في الربع الأول من 2020م . لذلك التحدي الذي يواجه السعودية خصوصا ودول الخليج عموما سيكون كبيرا ومهما ومحوريا، للمحافظة على توازن أسعار النفط واستمرار تلبية الطلب العالمي، وخاصة الصين والهند، لضخ المزيد من الاحتياجات النفطية لتلك الدول.
الجدير بالذكر، ان 51% من الصادرات النفطية للمملكة تتجه نحو شرق اسيا، لذلك فمن المؤكد ان هذه النسبة سترتفع بعد توقف دول المنطقة للاستيراد من إيران تماشيا مع خطة تصفير النفط الإيراني.
الأمر الآخر والذي لا يقل أهمية عن جميع العوامل الآنفة الذكر هو التهديد الإيراني باغلاق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله يوميا اكثر من 17 مليون برميل، وتستفيد منه جميع دول الخليج بما فيها السعودية، وعلى الرغم من ان التهديد قد لا يؤخذ بشكل جدي على نحو كبير، الا انه يظل تهديدا قائما، وان حصل اي اجراء إيراني في تلك المنطقة سيصبح تصعيدا قويا منذرا بنشوب حرب في المنطقة، وفي ظل تلك التهديدات والشد والجذب وزيادة التكهنات التي تنعكس بشكل مباشر على أسعار النفط، تسعى دول الخليج لإيجاد بدائل لنقل النفط دون المرور بمضيق هرمز قد تكون اعلى تكلفة وبالتالي ستنعكس على أسعار النفط بالزيادة، لذا سيتم التشديد على امن المنطقة البحرية في المضيق، وأيضا سترتفع تكاليف التأمين للسفن الناقلة التي تمر عبره، الأمر الإيجابي ان دول الخليج بما فيها المملكة وخبرتها الجيدة في التعامل مع الأنظمة البحرية وعضويتها في المنظمات البحرية الدولية ستسهم في حماية مصالحها بكل طمأنينة، متفوقة على الجانب الإيراني الذي فشل كثيرا في إقناع المنظمات الدولية في فرض سيطرته على مضيق هرمز والرقابة عليه، لذلك من المستبعد ان يكون هذا العامل له تأثير على المدى القصير والمتوسط.
ومن الواضح ان السياسة الإيرانية فشلت في استغلال الاتفاق النووي الموقع سابقا وفتح صفحة جديدة في المنطقة بعيدا عن الممارسات الإرهابية ودعم الميليشيات ومحاولة فرض عدم الاستقرار في المنطقة، والبدء في تحسين علاقاتها مع جيرانها وتنمية اقتصادها الهش، فوضعها الحالي من سيء لأسوأ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال