الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثر الحديث – في الآونة الأخيرة – حول الاستثمار برأس المال الجريء. وبدأنا نلاحظ نشاط لا بأس به من المستثمرين في تأسيس شركات وصناديق استثمارية في هذا المجال أو البحث عن مشاريع ورواد في السوق. الظاهرة صحية والتحرك جيد من حيث المبدأ. لكن المقلق هو اقبال كثير من الرواد الشباب على هؤلاء المستثمرين ومحاولة التعاطي معهم وهم لا يعرفون أن المستثمر برأس المال الجريء ليس مستثمر فردي أو كما يسمى “ملائكي”. هو مؤسساتي في التعامل. بمعنى أنه يتعامل مع نتائج وأرقام وليس أحلام.
والسؤال الذي لا بد أن يسأله الريادي لنفسه هو هل هذا النوع من التمويل مناسب له، خاصة في بداية مشروعه؟
إذا وضعنا جانباً المستثمرين من ذوي الأجندات الخلوقة، وبدون الدخول في فنيات التمويل، توجد ثلاثة مسائل مهمة على الريادي أن يتنبه لها عند التعامل مع المستثمر برأس المال الجريء. أولاً، ليس كل من أدعى أنه مستثمر برأس مال جريء هو بالفعل كذلك وان كان مظهره مؤسساتي. كما يراجع المستثمر السيرة الذاتية للريادي فعلى الريادي ان يراجع السيرة الذاتية للمستثمر ويسأل عن العاملين في هذه الشركة التي ستموله. المستثمر برأس المال الجريء عادة شخص محترف ومتمرس في الاستثمار ولديه القدرة على تطوير الشركات الناشئة بل وبناء الشركات الكبيرة. إذا مستثمر برأس المال الجريء لم يكن في سيرته الذاتية قصص نجاح واضحة في تأسيس منشآت وتعظيم قيمتها وعليه سيضيف قيمة للريادي ومشروعه، فعلى الريادي أن يعيد حساباته في التعامل معه.
ثانياً، على الريادي أن يتنبه الى أن المستثمر برأس المال الجريء – في الغالب – لن يشارك الريادي حلمه. هو شخص مؤسساتي باحث عن صفقات لكي يهيكلها، يديرها أو يشارك في ادارتها ومن ثم يقفلها نحو مخارجه تجنى له مكاسب كشركة استثمارية وعمولات كفرد. لذلك من الخطأ أن يتعاون ريادي مع مثل هذا النوع من المستثمرين خاصة إذا كان المشروع في بدايته ولم يثبت نفسه من خلال منتج أو خدمة قوية في السوق. أو ربما إمكانيات الفريق المشارك مع الريادي في المشروع مازالت غير متكاملة. أيضاً، من الظلم أن يقوم الريادي نفسه بطلب تمويل من المستثمر برأس المال الجريء إذا كانت متطلبات المشروع المالية صغيرة (عادة أقل من ٢ مليون ريال). هؤلاء المستثمرين لن يرضوا الا بالسيطرة على المشروع مقابل تقديم مبالغ صغيرة.
ثالثاً، الاستقلالية في إدارة المشروع. إذا كان الريادي يحتاج للتحرك سريعاً في السوق، هذا النوع من الاستثمار لن يعطيه هذه الفرصة. عادة مثل هذه الاستثمارات تأخذ وقت ليس أقل من ستة أشهر لتنفيذها. وهذا يؤخر التحرك في السوق. إضافة، فإن دخول هذا النوع من المستثمرين في إدارة المشروع ربما يعيق نموذج العمل الذي وضعه الريادي. بمعنى، ان الريادي لن يكون في موقف تحكم وسيطرة كاملة على مشروعه.
إضافة للمسائل الثلاث أعلاه، مهم أن يدرك الريادي أن رأس المال الجريء – أصلاً – لا يتناسب مع كل مشروع. هو مناسب – على سبيل المثال – للمشاريع التي فيها البحث العلمي أساس في عملية تطور المشروع مثل المشاريع في التقنية الحيوية، أو الذكاء الاصطناعي. أيضاً، هذا النوع من التمويل يمكن أن يكون مناسب للمشاريع الخدمية التي تٌظهِر فرص توسعية مستقبلية ولكن هذا النجاح المؤمّل يحتاج رأس مال تشغيلي كبير لكي يصل الى النتائج المتوقعة كالحاصل – على سبيل المثال – في بعض مشاريع توصيل طلبات الأكل أو أنظمة المدفوعات.
على الرواد من ذوي الاحلام الكبيرة أن يتنبهوا الى أن التعامل مع المستثمرين برأس المال الجريء ليس بالسهل خاصة عندما لا تكون أهداف الطرفين متوائمة. المستثمر برأس المال الجريء ينظر للمشروع على انه صفقة والمكسب المادي هو همه الأول والأخير. أيضاً، المستثمر برأس المال الجريء عادة يكون مستثمر في عدة مشاريع ولا يهمه الا المكسب. بمعنى أنه مستعد لقتل أي مشروع لا يوصله الى هدفه. لذلك على الريادي النظر بجدية في البدائل التمويلية المتاحة لمشروعه قبل طرق أبواب المستثمرين برأس المال الجريء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال