الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التعليم لبناء الكفاءات والتدريب لصقل المهارات في ريادة الأعمال ظهر كموضوع أساس وفرض نفسه منذ أكثر من عشر سنوات. الاّ أن العمل على تطويره لم يصل للمستوى الذي نتطلع اليه حتى الآن. الأسباب كثيرة ولكن أهمها هو عدم مهنية التعاطي مع الموضوع بالشكل المطلوب. لذلك، الجامعات متمثلة في كليات الإدارة والاعمال لابد أن تتدخل فوراً لأنها هي المؤهلة لقيادة وتقديم هذا النوع من التعليم والتدريب المحترف بالتعاون مع القطاع الخاص.
ولكن السؤال هنا، هل كليات الإدارة لدينا جاهزة لممارسة دورها القيادي في تقديم مناهج تعليمية وبرامج تدريبية في ريادة الأعمال تساهم في بناء منظومة ريادة أعمال فاعلة كما تخطط لها الرؤية؟
جاهزية كليات الإدارة لقيادة دفة التعليم والتدريب في مجال ريادة الأعمال غير مكتملة حتى الان. ونستطيع أن نرى ذلك من خلال ثلاث ملاحظات جوهرية بسبب التعاون الشبه منعدم مع القطاع الخاص في هذا الخصوص.
الملاحظة الأولى:
هي البطئ في التحول الى النهج والأسلوب التعليمي الذي تقتضيه المرحلة والمتمثلة في التركيز على القطاع الخاص وبشكل دقيق على ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وكأن الموضوع مازال مبهم لأغلب كليات الإدارة. بالرغم من أن بعض كليات الإدارة بدأت تنتبه لأهمية دورها الا أن ما فعلته لم يتعدى أكثر من قبول رعايات من القطاع الخاص لتأسيس كراسي أكاديمية في ريادة الأعمال لم نرى لها نتاج حقيقي.
فعلى سبيل المثال، مازالت الدراسات والأبحاث عن ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة تناقش التحديات منذ أن بدأ الحديث عنها أستاذ “هارفارد” الشهير مايكل بورتر في منتدى التنافسية في مدينة الرياض عام ٢٠٠٨م. إضافة الى ذلك، هذه الدراسات تنتجها جهات استشارية أجنبية وليست كليات الإدارة لدينا. حتى فيما يتعلق بأساليب ومواد تدريس ريادة الأعمال – ان وجدت في كلياتنا – ربما لا تتعدى كونها مواد اختيارية.
الملاحظة الثانية:
هي عدد وكفاءة أعضاء هيئة التدريس في ريادة الأعمال المُطعّمة بمحاضرين من المهنيين من القطاع الخاص. يظهر أن هذا الأمر المهم غير متداول بشكل جاد في كليات الإدارة بالرغم من نجاحه في الولايات المتحدة وأوروبا. حتى أصبح هذا النوع من المحاضرين جزء من الكادر التعليمي في كثير من كليات الأعمال لديهم. وحتى المبتعثين من جامعاتنا الذين رجعوا بشهادات عليا في هذا المجال – ومنهم من مارس ريادة الأعمال وتأسيس منشات أثناء دراستهم في الخارج – عددهم لا يكفي.
الملاحظة الثالثة:
هي عدم وجود شراكة أو حتى تعاون حقيقي وفاعل مع رجال الأعمال والصناعة والمهنيين من القطاع الخاص في مجال القيادة والتشغيل والاستثمار. التعرف على ممارسات القيادات في هذه المنشآت من مؤسسات وشركات مختلفة الأحجام وأنماط إدارتهم للمشاريع يعزز الوصول إلى المعرفة وبناءها في الكليات لتصب في مصلحة تعليم الطلاب الجامعيين ومن يطلب التدريب في هذا المجال. أيضاً، هذه الشراكة ستقدم لرجال الأعمال والصناعة فرصة اكتشاف أفكار مشاريع ريادية بينما أصحابها مازالوا طلاب على مقاعد الدراسة.
وربما تأخذ الكليات حصص ملكية في هذه المشاريع الجديدة التي خرجت منها وتبني برامج وقفية تصرف عليها لاحقاً من خلال أرباح هذه الشركات التي تمتلك حصص فيها. ولا ننسى أنه لا ينبغي أن تقتصر مسئولية تحمل تكاليف البحث العلمي وممارسة تعليم ريادة الأعمال على كليات الإدارة وحدها دون مشاركة مستدامة من المنشآت الاقتصادية القادرة في القطاع الخاص.
الاستجابة لمتطلبات رؤية المملكة في رفع مستوى مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الى ۳٥٪ بحلول عام ۲۰۳۰ يعني دور ريادي وقيادي وتحرك فوري لجامعاتنا بالشراكة مع القطاع الخاص لإيجاد قطاع ريادي فاعل ومنشآت صغيرة ومتوسطة تشارك بقوة في الاقتصاد الوطني. تماماً كالحاصل في الدول المتقدمة التي درس فيها معظم قيادات الجامعات وكليات الإدارة لدينا وبعض القيادات في القطاع الخاص. وبكل تأكيد أطلعوا أو سمعوا عن تجارب الشراكات بين الجامعات والشركات ومخرجاتها.
على كليات الإدارة وأيضاً رجال الأعمال والصناعة لدينا أن يتنبهوا الى أن عام ٢٠٣٠ ليس ببعيد. كليات إدارة بشراكات جريئة مع القطاع الخاص هو مطلب واحتياج استراتيجي لتقديم فكر ريادي جديد لوضع منهجية تعليم ريادة أعمال محترفة وقادرة على أن تخدم رؤيتنا خاصة في تنمية وتقوية منظومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة الريادية والقطاع الخاص في المجمل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال