الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هناك قصة شاع تداولها مؤخراَ بين رياديي الأعمال مفادها أن أحد الناجحين اشتهر بالاهتمام بقياس أثر كل قرار يتخذه داخل المنظمة على قائمة الدخل. ليست تلك مبالغة، لكن البعض يحاول أن يربط النجاح بقدرته على تحقيق أرباح سريعة وتقليل التكاليف. لنفترض أنك تقدم منتج جيد، تتوفر فيه جميع الصفات المطلوبة من قبل عملاؤك، لكنك اصطدمت بناقل تأخر في تسليم هذا المنتج بسبب اعتمادك في عملية اختيار هذا الناقل على أقل سعر مقدم، ودون النظر لتبعات القرار.
تحقيق الإيرادات مهم، إلا أن أي خلل أو تأخر في وصول المنتج ربما يؤثر على قرارات عملاؤك بالشراء مستقبلا. الأمر الآخر الذي ربما لا يلتفت له البعض، هو أن الأرباح السريعة أحياناَ ما تكون سبب لخسارة صفقات أكبر. ففي حال كانت مواردك محدودة، وقررت أن تستخدم محرك البحث (جوجل) مثلاَ في التسويق لعلامتك التجارية، قد يخيل إليك أنك نجحت في تحقيق نتائج جيدة. وفي غمرة هذه النشوة يغيب عن ذهنك أن نهجاَ آخر يمكن أن يحقق مردود أعلى “خصوصاَ إذا كان عملاؤك من فئة الشركات وليس الأفراد” فالعلاقة المباشرة معهم هنا مهمة وتتطلب الكثير من الوقت.
هذا الجهد اللافت لتحقيق النجاحات السريعة من قبل المنظمات، والتعطش نحو تحقيق نتائج في أوقات قياسية يبدأ بتشكيل مزيد من الضغط، الذي يسهم بدوره في خلخلة التوازن بين تحقيق النجاح السريع وبناء القيمة على المدى الطويل. وبشكل عام فإن عملية بناء علامة تجارية تحتاج للكثير من الجهد ولا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها. في مراحل التعليم الأولية، نعمل بشكل كبير على خلق بيئة تنافسية بين الطلاب ويكون التركيز على عامل السرعة، مع إغفال الطرف الآخر من المعادلة في بعض الأحيان. هذا الطرف يتمثل في جودة المخرج لتحقيق الأثر النوعي. وهنا تلعب طبيعة العقل البشري وطريقة التفكير المنطقي التي نعتاد عليها دوراَ محورياَ في هذا الصدد. إن تحقيق الأرباح السنوية هي مسألة مطلوبة بطبيعة الحال، ولكن في خضم السعي لتنشيط الأداء على المدى القصير، فلا ينبغي أبداَ تجاهل جهود النمو.
سمعنا مؤخرا عن منظمات تعمل على توفير مزيد من المرونة في عملية تغيير المؤشرات إذا حدث واستشعر أحد الفرق أن النتائج السريعة لا تخدم المصلحة على المدى الطويل. فباتت العلامات التجارية تدرك أنها بحاجة لتصبح أكثر مرونة. ووفقاَ لدراسة قدمتها Media Sense حول كيفية تعامل المسوقين مع المتغيرات المتسارعة، فإن نسبة عالية تسعى إلى إعادة تنظيم النموذج التشغيلي على أمل أن يسهم ذلك في التركيز بشكل أكثر جدية على الرؤية المستقبلية. عندما تحصر نفسك في اللحظة التي تعيشها وتحد نجاحك بها، فأنت تغيب عن ناظرك كثير من المؤثرات وهذا يسهم في ضعف القرارات. الطموح العالي والآمال البعيدة عندما تصطدم بنتائج غير متوقعة، تبدأ عملية اللوم للقرارات الخاطئة وينعكس ذلك على تغيير الخدمة أو المنتج بشكل جذري أحياناَ. ضع نفسك داخل القالب الأكبر، واجعل حركتك تسير باتزان بتصور أكثر شمولية لتكون محركاَ للصناعة من حولك فهذه هي الخلطة الأجمل للنجاح. والصورة الأكبر ستبقى الأشمل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال