الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دائماً ما تخضع قرارات الأعمال الإدارية لتحيزات وقناعات سابقة لدى مسؤولي الشركات والمؤسسات. قليل منهم من يجتهد لتبنى القرار من خلال المراجعة والتقييم وحيث أن القرارات الخاطئة تنطوي على نتائج قد تكون مدمره للمنظومة من خلال الوقت. جاءت رؤية (2030) الطموحة والتي إن شاء الله ستنقل المملكة الى مراكز متقدمة على مستوى العالم لتحسين وتطوير مخرجات المنظومات الحكومية والخاصة ولذلك بات من الحتمي مواكبة القطاعات والهيئات الحكومية لتبنى طرق أكثر فعالية للاستجابة لهذه المتغيرات سواء على المستوى الإداري أو الفني. إن استمرار أسلوب اتخاذ القرار بالطرق التقليدية السابقة وكما هو معلوم ملازمة الاسلوب البيروقراطي لتعاملات القطاعات الحكومية لفترات طويلة وهو بالمناسبة ليس بالأسلوب السيء كما يصوره البعض ولكن (لكل زمان دولة ورجال).
إن مما قد يتبادر الى الذهن ما إذا كان بالإمكان الاستفادة من المزايا الحسنة للنظام البيروقراطي (مثل السيطرة) وإنهائه في نفس الوقت وذلك لخلق بيئة مناسبة لزيادة الابتكار وتحسين بيئة العمل. وفقاً لدراسة سابقة قامت بها مؤسسة (Gallup) على مستوى (42) دولة في العالم لتحديد مدى ارتباط وسعادة الموظفين في بيئة عملهم, أشارت النتائج أن( 13 % ) فقط هم من عبر عن سعادته في العمل!
وعليه قامت العديد من المنظمات بتبني العديد من الأساليب لدعم صناعة القرار و لزيادة رضا الموظفين ومنها ما يعرف بأسلوب الإدارة باستخدام الأدلة (Evidence Base Policy) حيث يتميز هذا الأسلوب باتخاذ القرارات بناء على المعلومات والبيانات الموثقة بدلاً من المعلومات والافتراضات المتداولة. على سبيل المثال اعتمدت قوقل على مدى المعرفة الفنية والتقنية كأولوية لتعيين المدراء والمسئولين في الشركة الا أنه وبعد اعتماد سياسة الأدلة، تم استفتاء الموظفين حول القيم التي يفضلونها في مدراءهم حيث كانت المفاجئة أن قوة المعرفة الفنية تأتي في ذيل قائمة الصفات التي تساعد في خلق علاقة بناءه بين الموظفين ومدراءهم في بيئة العمل، في المقابل كانت على رأس القائمة الصفات مثل استقرار مزاج المدير ومقابلة الموظفين وسؤال الأسئلة بشكل يحث الموظف على التفكير والتعلم في صدارة القائمة المفضلة. بعد الحصول على هذه المعلومات وفرزها تم مقارنة أداء الموظفين مع المدراء أصحاب الصفات المفضلة للموظفين حيث كان الإدارات ذات الإنتاجية الأكبر والإبداع هي من يتمتع مدراءها بهذه الصفات وبناء على هذه النتائج قامت الشركة بعمل حملة تدريبية للمدراء لتعزيز هذه الصفات مما انعكس ايجابياً على أداء الشركة.
قد يخطئ الكثير باعتبار هذا الأسلوب كأداة أو تقنية ممكن تطبيقها لإيجاد حلول سحرية في أي زمان أو مكان وليست كطريقة تفكير يتم على ضوئها تقييم احتياج المنظومة.
إن من أبرز الاختلافات التي تميز هذه الطريقة عن الطريقة التقليدية هي معاملة الأفكار والقناعات السابقة كأفكار وقناعات قديمة وليس كما يتداول حالياً من تزيين للأفكار القديمة وتقديمها كأفكار جديدة. بالإضافة الى أن الأساليب الحالية غالباً ما تستخدم الدراسات والاستقصاءات في ما يدعم وجهة نظرها أو لتعزيز الأفكار الرائجة وتتجنب وجهات النظر أو الدراسات المخالفة وهو ما يخالف أسلوب الإدارة باستخدام الأدلة والتي تعتمد بشكل رئيسي على الحيادية وتستمد قراراتها من أفضل الأدلة المتوفرة بغض النظر عن رواج هذه الأساليب.
قد يرى البعض أنه من الصعوبة بمكان أن يقوم المدراء بالتخلي عن قناعاتهم الإدارية والتي اكتسبوها خلال عقود من الزمن والانصياع الى نتائج أو تحليلات قد لا تتواكب مع قناعاته الشخصية أو قد تقوض شيئاً من صلاحياته. ولذلك يتطلب تطبيق هذا الأسلوب العمل على تغيير عقلية المنظومة (mindset) بحيث تكون البيانات هي صاحبة السلطة الأكبر والذي يتفق ويلتف الجميع حول نتائجها.
ختاماً عزيزي القارئ هل ستقدم على تطبيق هذه الأسلوب في منظمتك أو إدارتك أو قسمك؟ إذا كانت إجابتك بنعم مباشرة أي أتمنى أن تعيد قراءة المقال مرة أخرى!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال