الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نستيقظ كل صباح على حماقة جديدة من حماقات ملالي طهران، هاهو وزير النفط الإيراني يصرّح بإستخدام طرقا “غير تقليدية” للالتفاف على العقوبات الأمريكية ومواصلة بيع النفط عن طريق مبيعات غير رسمية أو غير تقليدية سريّة لاتعلم بها الولايات المتحدة. وكأنه هنا يتحدث كشخص منتمي الى شُلّة من العصابات وليس دولة طبيعية كساير بلاد العالم.
هذه الترهات جاءت بعد أن فشل ملالي طهران في تعطيل إمدادات النفط العالمية بعد العمليات التخريبية للمرافق والناقلات النفطية، وبعد تضييق الخناق على صادراتهم النفطية التي أصبحت قريبة جداً من الصفر كما كان مستهدف، حيث ان معظم عملاء الإيرانيين التقليديين امتنعوا بالفعل عن تحميل اي شحنات منذ أواخر شهر أبريل المنصرم، بينما كانت وصلت صادراتهم قبل ذلك الى:
* في الربع الأول من عام 2018، صدّرت إيران نحو 2.4 مليون برميل يومياً.
* في الربع الأول من عام 2019 ، انخفضت صادرات النفط الإيراني إلى 1.3 مليون برميل يومياً.
* الصين وحدها استوردت 800 الف برميل يوميا من النفط الإيراني في شهر أبريل المنصرم قبل انتهاء الإعفاءات وتطبيق العقوبات الأمريكية المفروضة.
* في شهر مايو المنصرم، انخفضت صادرات النفط الإيراني إلى 400 ألف برميل يومياً.
لذلك تحاول إيران يائسة تخزين نفطها في الناقلات العائمة للحفاظ على استمرار الانتاج من حقولها النفطية القديمة وبنيتها النفطية المهترئة. يتساءل الكثير ما إذا كان إجمالي صادرات النفط قد انخفض فعلياً إلى 400 الف برميل يوميا فقط؟، أو اذا استطاعت بيع بعض البراميل خلف الرادار بعد إغلاق أنظمة تتبع الأقمار الصناعية في ناقلات النفط أملاً في تجنّب اكتشاف الولايات المتحدة.
تدّعي طهران أن صادراتها من النفط يمكن أن تُباع بسهولة في السوق “الأسود” أو “الرمادي” على حد تعبيرهم من خلال خفض فروقات الأسعار. ولكن، هل يوجد بالفعل “سوق سوداء” أو ما تسميه طهران “سوق رمادية” للنفط؟ واذا وجدت هل تؤثر على أسواق النفط العالمية؟
السوق السوداء هو الاسم القديم لأي مكان يتعامل بالبيع غير القانوني. بالنسبة لمعاملات مبيعات النفط، يصف اسم “السوق السوداء”، فيه بقيام بعض التجار بشراء النفط الخام من بعض الدول المحظورة للتصدير بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي خارج النظام المالي الدولي بعد تغيير سند بوليصة الشحن عن بلد المنشأ.
حتى وإن وجدت سوق سوداء للنفط تتسلّل من خلالها إيران لبيع بعض البراميل، فإنها مضّطرة لتخفيض السعر بحدّة، ولكن الربحية مع تخفيض سعر البرميل وسعر خام برنت يتراوح عند 60 دولار حالياً، ليست مجدية كما كان سعر خام برنت فوق 100 دولار عام 2012.
لا تؤثر “السوق السوداء” على أسواق النفط العالمية ولا على التسعيرات العالمية المقومة بالدولار، نظرا لكونها كميات صغيرة جدا، وغالبا تتم بأسعار منخفضة جداً مقارنةً بالاسعار العالمية. أيضا، لا يدعم السوق السوداء أي اتفاقيات مبيعات طويلة الأجل، ومعظم صفقات النفط تتم بموجب اتفاقيات مهزوزة وبنود تعاقدية لاتحمي مصالح المشترين، لأنها لاتتضمن بنود التأمين والمخاطر وجودة المواصفات والمعايير الدولية للسلامة والموثوقية.
والأهم من ذلك، أن معاملات النفط في السوق السوداء محفوفة بالمخاطر وتستغرق وقت لإكمالها، حيث تحتاج عدد كبير من الوسطاء لإخفاء مخالفاتها القانونية. لذلك تعتبر هذه الاتفاقيات محفوفة بالمخاطر وغير موثوقة، لهذا السبب تمتنع معظم شركات النفط العالمية وكبرى مصافي التكرير عن التعامل بها.
بمجرد انتهاء مدة الإعفاءات الامريكية على صادرات النفط الإيرانية، ظهرت تصاريح ملالي طهران بالقدرة على مواصلة صادراتهم النفطية بسهولة من خلال سوق سوداء للنفط كما فعلت خلال عقوبات اعوام 2012 إلى 2015 عندما تمكّنت من تصدير أكثر من مليون برميل في اليوم، ولكن لم تكن تلك البراميل من خلال صفقات السوق السوداء المشبوهة ولكنها كانت في الأساس عن طريق مقايضات سلع مع الصين، ولذلك لم تكن مُجدية لأن إيران كانت ومازالت بحاجة إلى النقد لدعم الارهاب والأعمال التخريبية بشكل مباشر او عبر اذرعتها الارهابية الموجودة في بعض الدول ومن بينها جماعة الحوثي الارهابية في اليمن.
حتى إذا تمكنت طهران من بيع بعض البراميل في السوق السوداء خارج النظام المالي العالمي كما تدّعي، أو حتى إذا كان السوق السوداء موجود من الأساس، فلن يستطيع انقاذ اقتصاد إيران الهش، لان مستوى العائد من الدخل لايقارن بالدخل والسعر مع السوق المهيكل.
أخيرا، قد تنجح ايران في تصدير الإرهاب والأعمال التخريبية وزعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة بطرق غير تقليدية، ولكنها لن تنجح في تصدير نفطها بطرق غير تقليدية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال