الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على الرغم من ارتفاع نسبة البطالة في المملكة عند مستوى يعادل (12.9% ) وهي أكثر من الضعف مقارنة بنسب البطالة بدول مثل أمريكا (4.9%)، وبريطانيا (4.85 )، إلا أن الكثير من شركات القطاع الخاص التي لم تمارس مسؤولياتها الاحترافية والاجتماعية في اشغار وظائفها بالكفاءات السعودية أصبحت تزاول نشاط “أغراق” السوق بعدد الوظائف المعلنة من خلال جميع قنوات التواصل؟ إلى درجة تثير“الشك” بوقوع منافسة شرسة بين هذه الشركات على من يعلن أكثر!
المخجل “قانونياً”، عندما يذهب مواطن سواء كان “حديث” تخرج أو من يمتلك خبرة في القطاع الخاص للتقديم على وظيفة معلنة، يكتشف عدم وجودها في الحقيقة، ولايملك في يده أي من الأدوات التنظيمية التي تمكنه من الرصد والتبليغ عن هذه الممارسات، ويكتفي هذا “البطل” بالابتسام عند سماع “أعذار” مثل: “ لم نوظف أحد من سنة تقريباً”، “ هذه سير ذاتية لازالت محالة للنظر من أربع سنوات”..الخ، الأدهى من ذلك، عندما توظف هذه الشركات التكنولوجيا للامتثال “الشكلي” لتوجهات الدولة لسعودة قطاعها الخاص بتوجيه المتقدمين لإرسال إيميل أو التقديم على المواقع الإلكترونية التي لاتخضع لأي تدقيق من الجهات الرقابية ذات العلاقة ولو بشكل ربع سنوي!
هنا يتبادر للذهن، كيف نشأت هذه الظاهرة؟ وكيف لايوجد دور رقابي على “إعلانات الوظائف”؟ وكيف لايتضمن الدور الرقابي ”إن وجد” مراجعة الميزانيات المرصودة للأجور بحسب طبيعة الوظائف المعلنة؟ وماهي عدد الوظائف التي يشغرها الأجانب في كل شركة ومسميات “مهنهم” الوظيفية؟ وماهي الخطة التنفيذية الموضوعة لسعودتها؟ وماهي نسب السعودة المستهدفة سنوياً؟ فنحن ياسادة هذه الشركات وسيداتها، لانتحدث عن سوق يكون المواطن المتخصص فيه مجرد “سلعة” تخضع للعرض والطلب، وإنما عن مواطن دولة ليست فقط من دول العشرين بل هي من أهم عواصم السياسة والاقتصاد العالمية، فالأحرى بكم مواكبة قيمة “وطنكم” العالمية، الذي أنتم تنعمون من خيراته وخيرات مواطنيه، وذلك بتحسين أداء شركاتكم في القطاع الخاص لترتقوا للعالمية وتحسنوا سعودة وظائفكم وأجوركم لمواطني هذا الوطن المعطاء.
بلاشك، لوزارة العمل جهود ملموسة بسعودة المولات التجارية والكثير من منافذ البيع، وتقديم الخدمات في قطاعات يشغرها (361 ألف) سعودي مقابل (4 مليون) أجنبي، إلا أننا لانعلم كم هي نسبة (نفور السعوديين) من هذه الوظائف؟ وكم هو متوسط بقائهم بها؟، وكم هو متوسط الأجور السائدة؟ وكم هي حالات التدريب المنتهية بالتوظيف للخاضعين للتجربة لمدة ثلاث أشهر؟ وكم هو عدد الذين تم تمديد فترة تدريبهم لمدة ستة أشهر ثم تم التخلي عنهم لتجنب الزيادة في الراتب؟ هذا النوع من الإحصائيات بلاشك سيضيف جودة رقابية متميزة على منشآت القطاع الخاص بما يكفل حقوق شبابنا وشاباتنا.
إضافة إلى ذلك، وزارة العمل تحتاج لبذل الكثير من الجهود المقننة، لمعالجة الكثير من التشوهات في السوق، حيث أن رفع نسبة التوطين في منافذ البيع لن توفي باحتياج 45٪ من شبابنا وشاباتنا الحاملين للشهادات الجامعية ولازالو يبحثون عن عمل مقارنه بنسبة (25 %) من حملة الشهادة الثانوية، حيث أن نسبة الشباب السعودي العاطلين عن العمل (40%) بين الفئات العمرية من (15-24 سنة)، بينما تشكل نسبة الباحثين عن عمل من الفئات العمرية من (25-29 سنة) نسبة (%31.3). بجانب أن المشاركة النسائية في سوق العمل عند معدل منخفض يعادل (20%).
علاوة على ذلك، هناك معضلة أخرى وهي الفائض عن احتياج السوق من خريجي بعض التخصصات مثل الدراسات الإسلاميه (123 ألف)، واللغات (91 ألف)، والعلوم الإنسانية (59 ألف) والإجتماعية (57 ألف)، هؤلاء الخريجين بلاشك سيسهمون في رفع نسبة (البطالة) في المملكة بشكل سنوي، فالاكتفاء فقط بإيجاد نظام (تكاملي) بين وزارة العمل وجميع المنشآت التعليمية والتدريبية والهيئات المتخصصة لتزويدهم -بعد عمل الدراسات اللازمة لاحتياجات السوق على الأقل سنوياً- لن يعالج الخلل “الحالي” لتخفيض نسبة البطالة الحالية وإن أسهم بالمحافظة عليها عند مستوى أقل من خلال مساعدة الجامعات على تحديد نسب القبول بالرفع أو بالخفض في بعض التخصصات. فلابد من أن تعمل الوزارة على إيجاد حلول لهولاء الأفراد من المجتمع خصوصاً إن علمنا أن نسبة العمالة الوافدة لازالت تشغر (83٪) من الوظائف في القطاع الخاص!
والدولة مشكورة لم تقصر بتقديم الدعم السخي لأي جهة للمساهمة بفعالية لخفض نسب البطالة، فلنأخذ قطاع الجوالات كمثال، فجهود الدولة ممثلة ببنك التسليف قامت بتمويل (26 ألف) مشروع بتكلفة (4.3 مليار: حتى 4 أبريل 2016) لدعم هذا القطاع، وتشكر الجهات والمؤسسات الحكومية القائمة على تدريب وتأهيل شريحة الشباب السعودي للانخراط في هذا المجال، لكن للأسف يتضح أن قطاع الجوالات لايزال متحكم به من قبل العمالة الأجنبية، ولم تسهم هذه القروض الممنوحة بسعودة فعلية للقطاع أكثر من التسبب في بطالة “مقنعة” يقبع مجموعة من العمالة المهره خلفها بسبب عدم معالجة الخلل “الأساسي” وهم المورديين الأجانب!
كان من الممكن تجاوز هذا التحدي من خلال:
1- فرض مراكز تدريب متخصصة تدرب الشريحة المستهدفة على الشركات المستفيدة من الحصص العظمى في السوق مثل Samsung, iPhone, Huawei لضمان جودة خدمات الصيانة والتشخيص المقدمة للعملاء وتحديد تكلفة الأعطال …
2- منح جميع المشاريع الممولة (حساب توريد لقطع الغيار المطلوبة ) من قبل هذه الشركات المستحوذة على السوق لتخفيف نسبة الصرف والتخزين على قطع الغيار ومحاربة القطع التجارية المزيفة والمورديين الأجانب المتحكميين بسوقها.
3- متابعة القوائم المالية للمشاريع الممولة وتقديم النصح والمشورة لها (من خلال كادر أكاديمي مسؤوليته تكون للبنك المقرض ) حتى يتم تسديد القروض الممولة وإعادة الإستفادة منها في قطاعات أخرى.
شكرآ أيها البلد المعطاء الذي لم يذخر ولاة أمره عنه وعن مواطنية أي ثمين، وبلغة العز والكرامة قادوه لمصاف دول ال 20 ليلعب دور محوري على الخريطة السياسية والإقتصادية عالمياً، ونمني أنفسنا بأن يكون “مسؤولي” وأكاديميي ورجال أعمال هذا الوطن الغالي بقدر التحدي لانجاح رؤيتنا التي وضعت لنا وستتحقق بنا -بإذن الله-.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال