الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من متطلبات النمو الاقتصادي المقبلة عليه المملكة العربية السعودية حتمية وجود حاضنات جامعية تشارك في بناء بيئة ريادة أعمال ابتكارية لكي تساهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. خاصة في رفع مشاركة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة الى 35% في الناتج المحلي.
وعندما يكون الحديث عن حاضنة تنجح في تقديم ما يدعم الناتج المحلي، فإننا نعني ريادة اعمال ابتكارية من خلال حاضنة أعمال جامعية منفتحة. بمعنى، حاضنة تخدم حرم جامعتها الداخلي وأيضاً تخدم مجتمعها واقتصادها المحليين ويخدموها في نفس الوقت. الانفتاح يعني تواصل مع افراد المجتمع من رواد ومرشدين، عرض اختراعات الطلاب والأساتذة الرواد على القطاع الخاص من رجال أعمال وصناعيين، تبادل المعرفة والمعلومة، والانصات والحوار بغرض التفاعل نحو نجاحات مشتركة.
هذا سينتج عنه مشاريع ونماذج منتجات أولية وشراكات مثمرة نحو دعم وإنشاء منشآت ابتكارية. هكذا هي الحاضنات المنتجة في كثير من الجامعات العالمية المعروف عنها تميزها في هذا المجال.
والسؤال هنا: هل نعي أهمية انفتاح الحاضنة الجامعية على محيطها؟
ربما ليس لدي إجابة، ولكن أثناء إحدى زياراتي لمدینة بوسطن في ولایة ماساتشوستس الأمريكية، وبعد ان فرغت من اجتماع عمل مبكر، قررت أن أتعرف على الحاضنات في منطقتي بوسطن وكمبريدج، وبدأت بحاضنة جامعة “إم آي تي” العريقة التي طالما سمعت عنها. أثناء المشي نحو الحاضنة كنت مشغول بتحضير إجابات لأسئلة محتملة من رجال امن الجامعة قبل الدخول للحاضنة. ھذا – طبعاً – ان سمحوا لي بالدخول لأني أتیت بدون سابق موعد.
وصلت حسب الوصف. واعتقدت أني أخطأت العنوان. الوضع بدا لي غريب شيء ما. لا يوجد سور يحيط المبنى، ولا رجال أمن. المفاجئة كانت أن باب الحاضنة غير مقفل. دخلت الحاضنة وقُوبِلت بكل حفاوة وترحيب. شرحت لموظفة الاستقبال سبب زيارتي واعتذرت لأني أتيت بدون موعد مسبق ولا اعرف شخص محدد لمقابلته. فوراً، طلبت مني ان أرافقها لتوصلني الى مدير الحاضنة البروفسور (…) والذي سارعني – بعد الترحيب بي – بأن أدعوه باسمه الأول فقط.
اخذني البروفسور في جولة حول المكان وورش الحاضنة الفنية المختلفة وحضور لقاء رواد من طلاب الجامعة مع مرشدين من القطاع الخاص. وشرح لي عن آلية العمل في الحاضنة. خاصة في انفتاحهم واستعدادهم لخدمة الابتكار وريادة الأعمال ونقل المعرفة للآخرين. ثم اتصل هذا الأستاذ الكبير بأحد منسوبي الجامعة ليأتي مسرعاً من مبنى آخر ليشاركنا في حوار غني وممتع جداً حول فرصة بناء علاقة تعاون لخدمة الريادة الابتكارية والمنشآت الناشئة في المملكة.
من خلال زيارتي هذه والتي تلتها زيارات عمل لنفس الجامعة، فهمت لماذا وكیف ھذه الجامعة وبمفردها أخرجت لمجتمعها واقتصادها مشاريع دخولها اليوم بمليارات الدولارات وخلقت الاف الوظائف. لا یمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق جامعة “إم آي تي” هذا التأثير على الاقتصاد والمجتمع المحيط بها لو كانت تدير مشھدھا الأكاديمي في الابتكار وریادة الأعمال بعقلية تقليدية متحفظة وحاضنتها بإدارة بيروقراطية منغلقة.
منسوبي حاضنة جامعة “إم آي تي” كانوا منفتحين على المجتمع والقطاع الخاص. فخورون بما لديهم من موارد وعقول وشبكة تواصل عريضة. وعلى أتم الاستعداد دائماً للحوار وبكل اريحية – حتى مع ضيف الشارع – لاكتشاف الفرص التي تخدمهم وتخدم غيرهم.
تخیلوا – لو ان حاضنة جامعة “إم آي تي” تمارس ما نعيشه من سلوكيات بعض الحاضنات الجامعية المنغلقة على نفسها لدينا؟ كنا سنراها الیوم بلا انجاز تقدمه لطلاب جامعتها ولا لمحيطها الاجتماعي والاقتصادي. ومازالت تُهدر الأموال على ارسال وفود منها حول العالم للتعرف والاستفادة من تجارب الاخرین لأجل تطوير أدائها.
اخيرا، اترك لمن وصل الى هنا، والذي يعتبر نهاية المقال بان يُجيب على السؤال الذي عنونت به هذا المقال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال