الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعرف البحث العلمي على أنه منهج للتقصي المنظم والدقيق لاكتشاف الحقائق، وحل الإشكاليات، وذلك من خلال جمع البيانات والبراهين، واختبارها علمياً للتأكد من دقتها أو لتعديلها أو لإضافة حقائق جديدة لها، ثم الوصول إلى النتائج عن طريق وضع النظريات والقوانين. عادة ما يقاس تقدم ونهضة الدول في العالم على مستوى تطورها العلمي وخاصة في مجال الأبحاث، فعند النظر إلى الدول المتقدمة علمياً مثل اليابان، نجد بأن لديها إمكانيات هائلة وتقدم علمي خارق نتيجة دعم الأبحاث العلمية؛ لما لها من تأثير ملموس ومباشر على الصناعة والاقتصاد، من خلال تقديم الاختراعات والتكنولوجيا الجديدة التي تيسر من حياة الإنسان، كما أنها تسهم في دراسة الظواهر العلمية والاجتماعية، والتحديات التي تواجه الدول مع تقديم الحلول الملائمة لها.
هناك الكثير من المشاكل الإدارية والتقنية على مستوى الجامعات والمراكز البحثية في الوطن العربي، فمع الأسف الشديد هناك قصور شديد في كمية وجودة الأبحاث العلمية مقارنة بالدول المتقدمة. فعند النظر إلى الدول المتقدمة، نجد أبحاث علمية هائلة تنشر يوميا لتكشف لنا حقائق جديدة وتسهم في تطور التكنولوجيا، من أجل حل التحديات في شتى المجالات. ولقد أكدت الإحصائيات أن الدول المتقدمة ترصد ميزانيات عالية مخصصة فقط للبحوث العلمية، حيث إن “إسرائيل” على سبيل المثال متفوقة على جميع الدول العربية في المجال البحثي، فهي ترصد ميزانيات ضخمة بما يعادل 4.7 % من إنتاجها على البحوث العلمية لارتباطها بالأمن القومي، في حين أن الوطن العربي ينفق ما يعادل 0.2 % فقط.
وبشكل موجز، هذه بعض تحديات المراكز البحثية لدى العالم العربي، وطرق حلها:
*أولاً عدم الإدراك بأهمية البحث العلمي في النهضة القومية فنجد ضعف في المخصصات المالية للبحث والتطوير، وصعوبة الحصول على تمويل بحثي من الجهات غير الأكاديمية؛ كالشركات أو المؤسسات الاقتصادية الربحية والتجارية، وذلك بسبب نقص الدعم الحكومي. ولكن في المقابل نجد أن حكومة اليابان ليست فقط تمول الأبحاث العلمية بسخاء وإنما أيضا تقوم بتقديم دورات تدريبية مكثفة لتعليم خطوات تأهيل البحث العلمي على مستوى المدارس والجامعات والشركات من خلال تقديم حوافز تشجيعية.
*الافتقار لاستراتيجية دقيقة لرصد تحديات الدول وسبل حلها بسبب ضعف ثقة الكثير من الأفراد بإمكانية التعويل على البحث العلمي في حل الإشكالات، كما أن البعض لا يؤمن حتّى بوجود مشاكل حقيقية تتطلب البحث العلمي.
*هجرة العقول والكفاءات العلمية إلى الخارج بحثا عن فرص عمل أفضل.
*معاناة أكثرية البحوث في الوطن العربي من عدم جديتها بسبب عدم ملامستها للإشكالات الحقيقية في المجتمع، أو قد تكون دوافعها مادية بحته لدى الباحث؛ كالبحث عن الترقية الوظيفية، أو المتاجرة بها لطلبة الجامعات والمعاهد التعليمية. قد ينتج عن ذلك عدم تطبيق نتائج البحوث العلمية، لأن الاستراتيجية والأهداف البحثية كانت غير جادة منذ البداية وبالتالي ضياع الجهد والأموال التي صُرفت على البحوث.
*ضعف مستوى الأبحاث العلمية التي يتم إنتاجها، نتيجة ضعف التدريب لدى مراكز الأبحاث، وافتقار الباحثين للوسائل السليمة التي تساعدهم على تجميع وتحليل البيانات مما يؤدي إلى عدم إسهامها في تطوير المسيرة العلمية والتنموية في المجتمع، وتعتبر من أهم المشاكل التي تواجه مجال البحث العلمي في الوطن العربي بشكل خاص.
*صعوبة الوصول إلى المعلومات، والإحصاءات اللازمة في البحث العلمي، ووضع شتى العراقيل أمام الباحث، بل حتى أحيانا الامتناع عن تزويده بها خاصة في بعض المراكز الحكومية التي تعاني من الإهمال والتقصير بهدف إخفاء الحقائق. لذلك ينبغي جمع المعلومات عن كافة المشاكل والتحديات، والاطلاع على تجارب وبيانات باحثون سابقون، بالإضافة الى عمل المقابلات مع أصحاب الشأن والقيام بالرحلات الميدانية، و وضع طرق أخرى لحل الإشكاليات. بعد هذه المرحلة يكون الباحث قد اكتسب الكثير من البيانات والمعلومات، ويستطيع ربط الفرضيات مع المعلومات التي حصل عليها لوضع الحلول والبدائل للمشاكل.
——————————-
د. بندر عبدالعزيز المنقور
balmangour@gmail.com
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال