الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في قصة نمو الطاقة المتجددة الرائعة في السعودية، يتم التغاضي عن أهمية الطاقة المتجددة الموزعة. حتى بعد مرور أكثر من عامين من انطلاق البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في عام 2017م. فإن مصادر الطاقة المتجددة الموزعة والمعروفة أيضًا باسم الطاقة المتجددة اللامركزية، والتي تشمل إنتاج الطاقة خارج نطاق الشبكة كما في الطاقة الشمسية على الأسطح. حتى الآن لا تشكل أكثر من 0.1 % من إجمالي الطاقة الكهربائية المثبتة. وهذا بالتأكيد ليس بسبب عدم جدواها، بل يرجع لعدة أسباب، أهمها سن قوانين وتشريعات وإعطاء المميزات والحوافز للمستخدم النهائي حتى تزدهر، وهذا هو الحال في أي بلد في العالم!
وفقًا لتحليلات مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية (NRDC)، فإن أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل تشكل سبعة أضعاف كثافة اليد العاملة مقارنة بمشاريع محطات الطاقة الشمسية ذات النطاق الواسع، وعشرين ضعف مقارنة بمحطات طاقة الرياح. وللمقارنة والأخذ بعين الاعتبار، تم في الهند خلق عدد كبير جداً من الوظائف لتثبيت 3.8 جيجاواط من الطاقة الشمسية على الأسطح فيما تم توظيف عدد أقل بكثير من العاملين في تثبيت 26.2 جيجاواط من الطاقة الشمسية في نطاق المرافق والمحطات وذلك في السنوات الخمس الأخيرة. وتعتبر هذه أيضاً الحتمية الضرورية للغاية، حيث أن من الضروريات خلق فرص عمل سريعة للشباب، كما أن تعزيز الدعم لمصادر الطاقة المتجددة الموزعة يعتبر هدف أساسي ويتماشى مع تجارب عالمية أخرى.
وفيما يتعلق بالوصول العادل والشامل للطاقة، تكمن قوة المصادر المتجددة الموزعة في جعل إنتاج واستهلاك الطاقة في متناول الجميع. حيث أن الحصول على الطاقة أمر بالغ الأهمية لتوفير سبل العيش. وتعمل شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة على توليد الكهرباء في القرى النائية والمناطق الريفية، مما يوفر الطاقة الكهربائية في أيدي من هم في أمس الحاجة إليها. وكما أن طبيعة هذه المشاريع تفضل نموذج ريادة الأعمال، وتعمل على تمكين رفع مستوى أسر بأكملها ويؤدي إلى تحسن في مرونة المجتمع.
ومن الجهة الفنية، تكون أفضل كفاءة للتوزيع من خلال توليد الكهرباء بالقرب من نقطة الاستهلاك، ويمكن للطاقة المتجددة الموزعة تقليل الخسائر في النقل والتوزيع. مما يؤدي إلى خسائر مالية لشركات الكهرباء على نحو سنوي، والذي يمكن أن يكون له تأثير متصاعد على قطاع الطاقة بأكمله. وأعتقد أن المملكة في طريقها إلى كهربة وسائل النقل بطريقة واسعة، لذلك سيكون الطلب على الكهرباء أكثر توزيعًا مما يشكل حجة أقوى للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة الموزعة مثل محطات الشحن التي تعمل بالطاقة الشمسية والتي تغذي باصات النقل العام وسيارات الأفراد.
وحيث أن المملكة تخطط للوصول إلى 58.7 جيجاواط في عام 2030م. فإن تحسين مرونة وموثوقية الشبكة أمر بالغ الأهمية والتي تكمن بالتخطيط لأي نوع من هندسة الشبكات التي تدعم هذا المستوى من التكامل المتجدد والذي من المحتمل جدًا أنه لم يسبق له مثيل في أي مكان آخر في العالم. ويجب أن تكون مصادر الطاقة المتجددة الموزعة حجة قوية لتكون جزءًا كبيرًا من شبكة المستقبل، وفي الأماكن التي يكون فيها توسيع الشبكة باهظ التكلفة. وتعد مصادر الطاقة المتجددة خارج الشبكة بديلاً اقتصاديًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود العديد من النقاط اللامركزية لتوليد الطاقة يعزز مرونة الشبكة على عكس الشبكة المركزية عندما يفشل جزء منها يمكن أن يسقط النظام بأكمله كما في حالة انقطاع التيار الكهربائي هذا العام في جنوب المملكة، والتي تسببت في خروج محطات رئيسية من الخدمة، مما أثر على عدد من المحطات الفرعية والصغيرة كون أن الشبكة الكهربائية مترابطة وتتأثر بالتتابع بشبكات أخرى في مناطق مختلفة.
إن الاستثمار في الطاقة المتجددة لتحريك الاقتصاد أمر يصب في مصلحتنا الاستراتيجية ويساعد في مكافحة تغير المناخ العالمي وخلق فرص عمل جديدة وتوطين سلسلة القيمة. ونظراً لخططنا الانتقالية لانتاج الكهرباء من الطاقة البديلة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي توفر سرعة الانتقال وحجم التنفيذ. أرى أنه من المطلوب تفعيل مصادر الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة مع خلق إطار تنظيمي وتشريعي مدروس يضمن وصولًا مستدامًا وعادلًا للطاقة للجميع من حيث المنفعة والأسعار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال