الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
القبول في الجامعات أصبح ( نُدرة Scarcity ) والندرة في الاقتصاد هي أن تكون الرغبات والحاجات متعددة ومتنوعة مقابل محدودية الموارد المتاحة، الغريب أن القبول في الجامعات عكس ذلك تعدد وتوسع في الجامعات (الموارد) يقابلها ندرة في ( تحقيق الرغبات ) ! اليوم لا يوجد بيت يعاني من توفير مقعداً جامعياً لإبنه او ابنته، رحلة مكوكية سنوية تُستخدم بها كافة العلاقات والشفاعات بالرغم من دعم حكومتنا الرشيدة للجامعات والكليات المنتشرة في كل المدن والمحافظات، فأين يكمن الخلل؟ بعد إِذْ أصبح لدينا اكثر من 38 جامعة ما بين حكومية وأهلية؟
يبدو أن تشخيص هذه المشكلة عميقة وتفوق الواقع بلا حلول ! فمن غير المنطق والموضوعية أن نرى هذا التوسع الغير مسبوق وفي المقابل نجد محدودية في القبول، صحيح ان هناك نمو سكاني متزايد ولكن هذا النمو لم يغفله التخطيط للاستيعاب التعليمي بكافة مجالاته، مشكلتنا في اعتقادي تكمن في مفاهيم وآليات القبول والتي حُددت في معايير النسب الأعلى مضافاً لها العديد من اختبارات القياس البالغة التعقيد وبالتالي فإن الجامعات فقط لاصحاب المعدلات الأعلى اما غيرهم فلا مكان لهم بالجامعات وعليهم البقاء في منازلهم، ثم ماذا بعد؟ لا أعلم ! إلا أن الفراغ اكثر بشاعة وتثبيط الهمم لم تعد ضمن قواميس التحضر ! وما اعلمه جيداً ان الاستثمار في رأس المال البشري السعودي ( توجه وليس خيار ) .
بلادنا الغالية لا تأل جهداً في تعزيز ودعم هذا التوجه بل انه أحد أهم مرتكزات رؤية المملكة 2030 والتي ركزت على أهمية التأهيل والتدريب وتطوير المهارات المعرفية للأفراد ليتمكنوا من القيام بدورهم المأمول وصولاً الى مجتمع حيوي واقتصاد إنتاجي مزدهر ، فالمشاريع التنموية العملاقة التي نشهدها على أرض الواقع هي الانطلاقة الحقيقة للدور الفاعل والمأمول من شبابنا ليكونوا المساهم الاول في نموها وصيانتها وكان لزاماً على جامعاتنا ان تعيد صياغة فلسفة القبول بما يتفق مع هذه المنجزات ، شبابنا طموح ولديه ملكات الابداع والتحدي هذه حقائق تحتاج الى الدعم والتشجيع والتحفيز وتكافؤ الفرص التعليمية ، اقتصادنا في نمو متسارع بالرغم من تباطىء الاقتصاد العالمي وهذا يقودنا الى اهمية تضافر الجهود للاستمرار نحو الأفضل وهو ما يتطلب معه التوسع في بناء قدرات شبابنا وصقل مهاراتهم العلمية والمعرفية ، نتمنى الاعتماد أيضاً على قياسات واختبارات الميول والتوجه للطلاب قبل الالتحاق بالجامعات لأنها ستسهم في الحد من الهدر وخلق الفرص التعليمية المناسبة ومن ثم التوسع بناءً على تلك المعطيات .
التخصصات هي الأخرى بحاجة ماسة الى مراجعات فسوق العمل يتطور ومكوناته الوظيفية تتعاظم ووظائف المستقبل تتغير ولايزال هناك جمود في اتخاذ خطوات ملموسة من الجامعات نحو مواكبة هذه المتغيرات مضافاً لها متطلبات القطاع الخاص والذي اصبح اللاعب الأكبر في اساهامات الناتج الاجمالي المحلي وكافة مكونات الاقتصاد الانتاجي فهو حالياً شبه معزول عن الشراكات في بناء الخطط والمناهج في التعليم الجامعي المستقبلية والتعرف عن كثب على احتياجاتهم المستقبلية من الوظائف وباتت فرص التعليم في الكليات النظرية التي لا يحتاج القطاع الخاص الى مُخرجاتها الأكبر والأوفر حظاً ان تيسر ذلك ، أن هذا التحدي اليوم يتطلب الكثير من الدعم والعمل لتأكيد منظومة الاستثمار في الانسان السعودي لأنه ببساطة رقماً مهماً وقيمة مضافة في الاستدامة الاقتصادية.
العالم اليوم يتجه نحو الاقتصاد المعرفي والذي يعتبر ركيزته الاساسية ( مشروع رأس المال البشري ) والذي يراهن ايضا على انه القيمة النفعية لحاضر العالم ومستقبله والذي بدوره سيفضي بطبيعة الحال الى الرخاء الاقتصادي واستمرار عجلة البناء والتطوير الذي تشهدها بلادنا الغالية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال