الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المبدع يختلف عن غيره، حسه مرهف وحساسيته تجاه الأشخاص والمواقف مرتفعة، لذلك هو مبدع، لو كان حسه متبلداً وإحساسه متجمداً ماعرف الإبداع طريقاً إليه ولا رغبة فيه. لذلك فالمبدع يواجه في حياته المهنية تحديات جمة، تحديات إذا لم يواجهها بقلب شجاع وفكر منفتح؛ يذهب هو وأفكاره ضحيتها غير مأسوف عليه ولا عليها.
على المبدع أن يتناول تطعيماً ضد الفشل وضد الهزيمة، تطعيماً يحقن به نفسه ولا ينتظر أن يحقنه أحد، فالناس تتحمله مقلداً ومستنسخاً ولا تتحمله مبدعاً. المشكلة أن المبدع يتصور أن الناس ستفتح له أبوابها بسهولة وترحب بقدومه وتقف إجلالاً وتعظيماً له ولأفكاره، هذا لن يحدث لأن كل الناس مقلدين إلا مارحم ربي، والمقلدون يخشون كل جديد، الإبداع يجعلهم مضطرين لتغيير عاداتهم وطريقتهم ومعتقداتهم، ورفض الابداع أسهل عليهم كثيراً من قبوله، وتكلفة قبول أفكار جديدة أعلى بكثير من تكلفة رفضها ورفض صاحبها. هذه الحقيقة هي المكون الأول والأهم في التطعيم.
عزيزي المبدع، الخبر السيء هو أن الناس لن ترحب بأفكارك بل ستعلن عليها الحرب، أما الخبر الجيد فهو أن هناك على الأقل شخص ما قد يقبل أفكارك بشرط أن تعود عليه بفائدة ملموسة، قد يرفض زملائك الفكرة لكن قد يقبلها مديرك إذا أقنعته أنها ستخدمه، قد يرفض الناس أفكارك ويقبلها ممول أو مستثمر يبحث عن كل جديد، وفي كل الأحوال أي طرف لا يشعر بفائدة حقيقية تعود عليه من فكرتك سيختار الخيار الأسهل كما أوضحنا وسيحاربها. تحديد وتوثيق المنافع المتحققة وإن أمكن بالأدلة والبراهين يشكل ضرورة قصوى في تسويق أفكارك. هذا سيعود بك خطوة إلى الخلف، خطوة تنقيح أو غربلة أفكارك قبل عرضها، ليست كل الأفكار قابلة للتطبيق، المبدع شخص حالم وإذا لم يسيطر على حلمه تحول إلى كابوس. هناك أفكار عظيمة لكنها تواجه إمكانات مادية وفنية وبشرية محدودة، العين بصيرة واليد قصيرة كما يقولون، أمكانيات مؤسستك أو قسمك لا تسمح، إما أن تُرشِّد فكرتك أو تستبعدها بارادتك وموضوعيتك. فكرتك قد تكون رائعة لكنها تواجه بدائل أخرى متاحة وبتكاليف أقل من تكلفة فكرتك. فكرتك ستفيد البعض لكنها قد تضرب آخرين في مقتل، أخلاقك لن تسمح بالطبع بارتكاب هذه الجريمة. إذا فشلت فكرتك ستكلف مؤسستك أو قسمك الكثير مادياً ومعنوياً، فكرة أخرى تكلفة الخسارة فيها أقل قد تكون أنسب وأفضل.
عزيزي المبدع تبرعك بجزء من فكرتك للآخرين قد يشكل نقطة فارقة في تسويقها، هذا يعني أن تشارك الآخرين في فكرتك كما ولو كانوا معك وهي تداعب مخيلتك، شاركهم في تطويرها، إطرحها عليهم وأنصت لهم وأدخل تعديلات بناءاً على مقترحاتهم وفي النهاية هي فكرة أبدعتها أنت وطوروها هم، وإذا لم تشركهم في التطوير أشركهم في التنفيذ، المهم أن تنقلهم من منطقة المقاومة إلى منطقة المشاركة. شعورهم أنك تبحث على مجد شخصي وعلى حسابهم يكفي لاستعدائهم وإستنفار شرورهم.
عزيزي المبدع أفكارك تحتاج إلى تجديد، وتحتاج إلى توافق مع الواقع، ربط أفكارك بالتكنولوجيا وتطوراتها ينقل فكرتك من خطوة إلى خطوة وبسرعة فائقة، لا أتصور أفكار جديدة بلا تكنولوجيا، تحويل فكرتك إلى تطبيق أو إستفادتها من تطبيق أو دمجها في تطبيق يعني أن فكرتك تتحلى بروح العصر وهذا يكفي لقبولها وتبنيها.
عزيزي المبدع قد تفشل 100 فكرة قبل أن تنجح الفكرة 101، كل المبدعين في عالمنا أشاروا إلى هذا، أي شيء قد نقبله منك عزيزي المبدع إلا الاستسلام. الغرور يضرب المبدع في مقتل، قد يظن المبدع أن الله صنعه من طينة أخرى غير طينة البشر، الصحيح أنه يشبه كل البشر، كل مافي الأمر أن الله أنعم عليه بنعمة الإبداع، إما أن يصون النعمة أو تفارقه بلا عودة. عزيزي المبدع أشكر الله على النعمة يزيدك ويزيدنا منها. ربي يكتب لك التوفيق ويكفيك شر نفسك وشر المقلدين في الأرض.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال