الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في إدارة الموارد البشرية هنالك مفهوم يعرف بالدوران الوظيفي وهو معدل عدد المرات التي يغير فيها الموظف عمله خلال مسيرته المهنية، ويلقب بعض المختصين ذلك بمعدل الإستقرار الوظيفي وغيرها من التعريفات الحديثة. وهنالك جدل أقرب للبيزنطي مابين من هو مؤيد للإستقرار في منشأة واحدة لسنوات طويلة (وهو أمر غير صحي في أغلب الأحوال) وهنالك من هو يعارض ذلك وينادي بالتغيير المستمر للعمل (وهو امر أيضا غير صحي في اغلب الاحوال)، لأن الأمر يحتاج الى معادلة يتم تقييمها بشكل دوري للتأكد ما اذا كان البقاء في هذه المنشأة امر صحي ام عليك المغادرة . والأكيد أن لكل من تلك التوجهات مزايا وعيوب تستوجب تسليط الضوء عليها للاجابة على العديد من الاستفسارات التي تصلني يوميا في هذا الشأن.
فإذا ما نظرنا لمن يؤيد الاستمرار لسنوات طويلة في منشأة واحدة بل ويدعم ذلك بداعي الإستقرار الوظيفي، كون البعض يقضي حياته المهنية ولعشرات من السنين في نفس المنشأة وقد يتقاعد عن العمل منها، ولا ضير في ذلك، لكن يجب أن يعي الموظف مزايا وعيوب ذلك التوجه. لأن الإستمرار بالعمل لسنين طويلة في نفس المنشأة بسبب قوة المنشأة وجاذبيتها، قد يكون بسبب خوف الشخص من التغيير وعدم ثقته في قدراته بالحصول على عمل أفضل، بل اقول لهذا النوع من الموظفين وبصوت عال بأنكم لن تحصلوا على (قفزات وظيفية) في نفس المنشأة (وهي الإرتقاء بشكل كبير ولدرجات مضاعفة بوقت قصير مما يضاعف دخلك الشهري) بل قد تتحصل على ذلك عند تغييرك لعملك، وهذا ما شهدناه في الكثير من المنشآت وفي قطاعات مختلفة طيلة السنوات الماضية.
قد تشعر هنا بما يعرف بالامان الوظيفي بسبب إستقرارك لفترات طويلة في هذه المنشأة ويتلاشى معها خوفك من التغيير، لكن يجب أن تتأكد أن تطورك في هذه المنشأة (إن وجد) سيكون بطيء وتدريجي، وغالبا ما ستكون بمعزل عن الفرص المتاحة في سوق العمل، وأضف إلى ذلك أن الإستمرار بالعمل لسنوات طويلة في نفس المنشأة يجعلك تتنفس تلك المنشأة وتعيشها ليلا ونهارا ولذلك ستكون فرصك الوظيفية خارج اسوار تلك المنشأة محدودة بسبب عدم قدرتك على التغيير بعد كل تلك السنين.
من جانب آخر، قد يكون التغيير المستمر للعمل أمر لا يدعم الإستقرار الوظيفي، لكنه يسرّع وتيرة التطور الوظيفي إذا ما تم إختيار اوقات الخروج المناسبة والوجهات المقبلة، بل أن ذلك قد يكسبك خبرات متنوعة ذات قيمة أعلى من غيرها، حيث تشير الدراسات إلى أن هنالك معدلات مقبولة للدوران الوظيفي وتغيير العمل، فخلال فترة 25 سنة عمل لا يجب تغيير العمل أكثر من 8 مرات وهذا يعطينا معدل 3 سنوات كحد أدنى لتغيير العمل، أما من يتجاوز ذلك وتزداد معدلات تغييره للعمل فحتما أنه يحتاج لمراجعة جودة ما يقدمه من أداء، والعمل بجد على تطوير مهاراته وإكتساب موهلات علمية جديدة.
وفي الختام إذا كنت مرهق ودائما ما تشعر بالقلق والارهاق من وظيفتك إبحث عن بديل وإستقيل ، وإذا كنت تكره عملك ومن تعمل معهم فإبحث عن بديل وإستقيل، أما إذا كنت تعمل بشركة تنهار إبحث عن بديل وإستقيل وإذا أثر عملك على صحتك وحياتك الشخصية فإبحث عن بديل وإستقيل، اما إذا لم يتم تدريبك ولا إستثمار مهاراتك إبحث عن بديل وإستقيل،
الخلاصة: تأكد أن الأمان الوظيفي بعد الله موجود في خبراتك وموهلاتك ومهاراتك وليس بمكان آخر، فلا تقلق.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال