الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اثار القرار الذي اتخذ اخيرا من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لغطا واسعا حول العالم، وأحدث حالة من الإرباك في الأسواق العالمية وكذلك أسواق النفط، وأوقع العديد من متخذي القرار الاقتصادي وخاصة في الدول الأوروبية في حيرة من امرهم حيال مجاراتهم للقرار بتخفيض سعر الفائدة ام إبقائه على ما هو عليه.
تلك الانعكاسات اثارت شكاً عميقاً ان القرار سياسي وليس اقتصادي، وبضغط واضح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهناك ابعاد واسعة لهذا القرار سأتطرق لها بشكل مختصر.
منذ ابريل ٢٠١٩ بدأت الأخبار تتوالى عن توتر العلاقة بين جيروم بأول رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي الذي عينه ترامب في الربع الأخير من ٢٠١٨، ويبدو ان ترامب كان يهدف لفرض سيطرته على السياسة النقدية والاقتصادية بعد اقالته لجانيت يلين، الرئيسة السابقة للاحتياطي الفيدرالي، الا ان قرارات باول برفع سعر الفائدة كانت مخالفة تماما لسياسة ترامب الهادفة لتخفيض سعر الفائدة ودفع الاستثمارات المحلية نحو النمو .
الذي يلاحظ قرارات ترامب المتتالية المتعلقة بالتجارة الخارجية وإلغاء الاتفاقيات مع تكتلات ودول حليفة لأمريكا بالإضافة الى فرض رسوم على الواردات من المنافس الأكبر تجاريا الصين، يعلم تماما ان ترامب يهدف الى تعويض ذلك داخليا ودفع عجلة النمو ورفع الاستثمارات المحلية الى اقصاها، هذا الأمر لا يتحقق الا بتخفيض سعر الفائدة وليس رفعها.
لذلك فإن السيناريو المحتمل هو الضغط المتواصل من قبل ترامب على جيروم باول ادى فعليا لتخفيض سعر الفائدة في الوقت الحالي، على الرغم من ان الذي يلاحظ القرارات التي يصدرها الاحتياطي الفيدرالي مؤخرا انها متخبطة وبلا هدف، او تتم بضغط من الرئيس الأمريكي وهو الأقرب للصواب، على العكس تماما ما كان يحدث إبان فترة رئاسة بن برنانكي، مهندس سياسة التيسير الكمي، وكذلك جانيت يلين اللذان كانا يتخذان قراراتهما الاقتصادية بمعزل تماما عن الرئيس الأمريكي آنذاك.
لاشك ان رفع سعر الفائدة ومن ثم تخفيضها يربك الأسواق فعلا، ويعطي حالة من الغموض المستقبلي حيال القرارات المزمع اتخاذها، فمثل هذه القرارات تؤثر بشكل مباشر على مؤشرات اقتصادية هامة، كحجم الاستثمار، والتضخم، وينعكس ايضا على حجم الاستثمارات وتدفقاتها وسعر صرف العملة، ونظرا لارتباط اقتصاديات دول الخليج ومن أهمها المملكة بالاقتصاد الأمريكي الأقوى في العالم فمن الطبيعي ان يتخذ قرار مماثل حيال تغيير سعر الفائدة، وهذا ما حدث فعلا.
غالبية التقارير الاقتصادية المنشورة في الصحف الدولية تبين ان الاقتصاد الأمريكي ينمو بشكل جيد خلال السنتين الاخيرتين، بالإضافة الى تحسن معظم المؤشرات الاقتصادية، هذا الأمر الذي يثير الشك والغموض حيال القرار الأخير بتخفيض سعر الفائدة، والذي يجعلنا نميل بشكل كبير جدا نحو تسييس القرار وتأثير الرئيس ترامب على متخذ القرار الاقتصادي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال