الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مشهد يمتلئ بالاثارة والتشويق؛ حيث يبادر الملايين بل مئات الملايين من مستخدمي تويتر إلى عمل نسخة احتياطية من تغريداتهم وصورهم وغيرها من الحياة الكاملة التي صنعوها على مدى عشر سنوات مضت؛ الموقع أعلن رسمياً عن إغلاقه بعد انتهاء اخر شيء كان يشغل العالم فيه!.. مهلاً، ارجوكم لا تصدقوا؛ انه مشهد تمثيلي تخيلي؛ مازال تويتر موجوداً بشره قبل خيره.
بعد نهاية جدل دام لسنوات طويلة وتداول السعوديون وغيرهم من المدفوعين مئات التغريدات عن المرأة، انتهى كل شيء في ساعة من نهار؛ انتهى الجدل حول ما كان يسمى بالولاية وقبلها القيادة. ولم يعد هناك موضوع يتجادل فيه الناس، وهذه ناحية مهمة في سيكولوجية الجماهير يجب فهمها؛ يقول بعض الاغبياء انه يرى بوجوب إيجاد بديل بشكل تلقائي لكل امر كان يشغل الجمهور حتى لا يخرجوا من الدوامة فيصابوا بالفراغ!!. وان هناك دول مثل إيران وتركيا وغيرها تنتشر فيها المخدرات وتشغل الشباب تماماً عن الحديث في الرأي العام وتشغله ايضاً عن بشاعة أداء التنظيمات الحاكمة.
السعودية الجديدة بجمالها وجودتها وقوتها، لا تريد إشغال شبابها بمواضيع بالية وترندات وهاشتاقات؛ بل تريد اشغالهم بعمل دؤوب جبار على دور كل منهم في تقوية المحاور الثلاثة الرئيسية للتنمية المستدامة Sustainable Development، وذلك في نطاق كل فرد او أسرة كمجتمع صغير (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته) او كما قال صلى الله عليه وسلم. وسأشرح أدناه هذه المحاور الثلاثة.
المحور الأول هو الاقتصاد Economy، وتكمن أهمية نتاج التخطيط والعمل الفردي على النتيجة الكلية للدولة بأن الفرد (الغير واعي) سيدمر محيطه وذلك بنشر وتسويق الأفكار الغير مسؤولة في الصرف والتمويل والاستثمار بين اقرانه، ملمعاً أفكاره بالقسم اكثر من مرة لتأكيد المعلومة، إضافة للكذب والمبالغات والتفخيم وكأنه يتقاضى عمولة على ما يفعل، ولكن الحقيقة انه يبرر لنفسه ما وقع فيه ويريد ان يجذب غيره إلى ما ابتلي به حتى يكون (الموت مع الجماعة رحمة) وهي ثقافة سائدة. ومع الأسف فالضعيف والغير قادر على التفكير والكسول يسهل استدراجه بكلمة (ربح سريع) فذهبت مدخرات مليونية في (سوا) و(زئبق) و(تسويق هرمي) و (فوركس) واخيراً (بتكوين)!!
الصحيح ان يكون دور الفرد بالمحور الاقتصادي هو التخطيط الفعال والادخار التقليدي او استخدام صناديق الادخار في البنوك؛ إضافة إلى الاستثمار بعيد الاجل بسوق الاسهم؛ وتلافي البيع والشراء السريع والتوصيات ومجموعات التلقرام التي قد تحول سوق الاسهم إلى ساحة مقامرة حقيقية. ويجب على الفرد ورب الأسرة السعودي في الفترة المقبلة ان يدير ممتلكاته ويحافظ على مكتسباته ويدرس الجدوى كثيراً قبل أن يغامر؛ ويسعى في مناكب الأرض لكسب الرزق، إلى حين امتلاك المنزل في مدينة ما يحددها ليصبح مستقر ومتاع إلى حين تقاعده عن العمل، وبذلك يتلافي ان يغامر بحياته وحياة أسرته فيخلق توازن بين طموحه (الاقتصادي) واستقراره (الاجتماعي).
يأتي ثانياً المحور الاجتماعي Social؛ وهو يرتبط بالاقتصاد من ناحية الاستقرار، حيث أن استقرار الفرد اقتصادياً ستكون النتيجة الحتمية له هي السعي لتكوين أسرة، وعندما يتحول الفرد إلى رب أسرة ستكون هذه الأسرة هي عينة رئيسية للمجتمع ستؤثر وتتأثر بالنتائج الكلية، وطبعاً فإن رب الأسرة سيسعى لتحسين دخله تدريجياً للوصول إلى حد الكفاف ليساهم في تربية وتعليم أبنائه فيكونوا نواة للمجتمع السعودي الجديد كمجتمع خالي من الأمية؛ بل وينافس الأمم الأخرى في جودة مخرجات التعليم مما ينعكس ايجابياً على نسب الديموغرافية. ومع تحسن الوضع الاقتصادي للاسرة سيزيد تدريجياً حس المسؤولية الاجتماعية لديهم وبالتالي سيساهم ذلك في رفع مداخيل وفعالية منظمات المجتمع المدني الغير ربحية وكل هذه العوامل تصب في مصلحة المحور الاجتماعي؛ وهناك دعابة يقولها البعض في شبكات التواصل الاجتماعي وهي تختصر جانباً هاماً: (اذا اردت ان تخدم المجتمع؛ لا تخرج من منزلك، فقط ربي أبنائك جيداً).
ويأتي اخيراً المحور الثالث؛ وهو المحور البيئي Environment والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمحاور الاقتصادية والاجتماعية من ناحية عدم إمكانية تنفيذ اي مشاريع لتحسين بيئة الحياة بشكل عام الا في حال الرفاهية الاقتصادية؛ وفي ذات السياق حتى لو توفرت الموازنات اللازمة لأعمال التحسين في ظل وجود مجتمع لا يحترم الممتلكات العامة والهيئات الملكية للمحميات الطبيعية ولا يدرك أهمية عدم رمي المخلفات بالشارع، حينها لن تكون للمشاريع البيئية العملاقة أثر حقيقي على جودة الحياة.
لذلك نجد ان هذه المحاور الثلاثة والتي يتضمن كتيب الرؤية السعودية تلميحاً وتصريحاً بها، تتطلب عملاً دؤوباً بحب وتفاني في سبيل تحقيقها، لأن المسارعين للعمل هم من سيلحقوا بأماكنهم المستحقة في قطار الرؤية 2030. وصوتاً داخلك سيرشدك قائلاً: اترك تويتر وأخواته؛ وشمر عن ساعدك وانطلق!.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال