الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يولد بعض الأفراد بقدرات ومهارات قيادية فطرية؛ ولكن يمكن لأي شخص أن ينمي مهاراته عبر التدريب المكثف طالما لديه شغف بتطوير نفسه، ولا يعني وجود تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي أن مهارات القيادة البشرية لن تكون ضرورية؛ بل في الواقع سوف تكون مهمة لتحديد الرؤية المستقبلية، إن عالم الغد السريع والمترابط والقائم على التكنولوجيا سيتطلب من القادة التكيف مع الحقائق الهندسية الجديدة للثورة الصناعية الرابعة من أجل نمو سوق العمل؛ ومع ذلك لا يزال العديد من كبار المدراء التنفيذيين لايجدون شركاتهم مستعدة بما فيه الكفاية لصعوبة وضع استراتيجيات فعالة في أسواق اليوم السريعة التقلب على رغم استحواذهم على كثير من تقنيات الصناعة الرابعة (مثل الروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية)، ونظرا لسرعة التغير في منهج الصناعة في المستقبل؛ سيتطلب ذلك من القادة أن يكونوا قادرين على احتضان التغيير والاحتفال به، ويكونوا أكثر شفافية وتعاوناً، القادة الناجحون خلال الثورة الصناعية الرابعة هم من يرون التغيير ليس عبئا بل فرصة للنمو والابتكار، حيث تظهر الأبحاث أن الشركات المتميزة قيادياً هي أكثر تفوقا على نظيراتها من الجانب الربحي، ولكن ماهي أهم مهارات القيادة في مكان العمل خلال الثورة الصناعية الرابعة؟ وماهي أفضل الممارسات لتنمية الأعمال؟
أولاً: يحتاج القائد المستقبلي إلى رؤيةٍ واسعةٍ مع الحفاظ على التركيز على أهداف المنظمة؛ وهذا يتطلب من القائد القدرة على بيع الرؤية (الترويج للرؤية) وأن يحدد استراتيجيا تلبية احتياجات العمل على نحو فعال، لقد رأينا العديد من الشركات التي فشلت في السنوات العشرين الماضية لأنهم لم يتمكنوا من التكيف مع التغيرات السريعة، من هذا المنطلق يجب على القادة فهم كيف أن الثورة الصناعية الرابعة تختلف عن بيئة الأعمال القائمة والتي نراها؛ وحتى يكون القادة ناجحين يجب أن يضعوا استراتيجيات فعالة من أجل استغلال الفرص التجارية والتصدي للتهديدات، لذلك فأنا أتساءل: هل نحن جاهزون؟! قد لا تكون هناك خارطة طريق واضحة للمتابعة في مكان العمل في المستقبل، وهذا يتطلب من القائد أن يكون شجاعا في مواجهة المجهول والتنقل في الظروف الصعبة لاسيما القدرة على تغيير المسار إذا كانت الحالة تستدعي استراتيجية جديدة.
ثانياً: يجب على قادة الصناعة الرابعة المطالبة بتحول جذري في عملية التوظيف عن طريق البحث عن الخبراء التقنيين والموزعين على أدوار مختلفة من قادة الخطوط الأمامية إلى مديري المصانع إلى المتقدمين…، والذين يظهرون القوة في قدرة التغيير، والتعلم المستمر، والتواصل بين الأشخاص، وينبغي على القادة أن يضمنوا أن تكون هذه المهارات بمستوى عال أو على الأقل موجودة بالفعل قبل أن يطبقوا هذه المعايير الجديدة الجذرية حتى لا تشهد الشركات ارتفاعاً في معدل الإحباط وعدم رضا العمال على قادتهم.
ثالثاً: سيحتاج قادة المستقبل إلى القدرة على استيعاب الطلبات المتغيرة للعمال، ومساحات العمل والتقنيات، سيحتاج القادة إلى فهم واتخاذ قرارات سريعة بشأن التكنولوجيا التي تغذيها الثورة الصناعية الرابعة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، البيانات الضخمة، الروبوتات، البلوك تشين….، سوف تتغير كل صناعة وشركة بسبب التكنولوجيا؛ لذلك فمن الضروري فهم ما الذي يمكن أن تفعله التكنولوجيا لأي منظمة، على سبيل المثال: فمن أجل قيادة منظمة أثناء الصناعة الرابعة تحتاج القيادة إلى فهم كيفية تبني الذكاء الاصطناعي ومعرفة حالات الاستخدام السهلة مع التدريب العملي على بعض الأدوات، شاملاً ذلك دراسة الحالات التجارية الناجحة الأخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي.
رابعاً: سيتحتم على قادة المستقبل العمل مع موظفيهم جنبا الى جنب، ومتابعتهم بشكل مستمر، والمساعدة في دفع تنميتهم المهنية، والتعرف على نقاط قوتهم و ضعفهم من أجل دعمهم على اكتساب مهارات جديدة، والمساعدة في سد الفجوات في تلك المهارات؛ لذلك سيحتاج القادة إلى إجراء تقييم سريع للوضع ومعرفة ما يحتاجون اليه من أجل اتخاذ قرارات فعالة. والى جانب ذلك، سيتعين عليهم أن يكونوا منفتحين على “ثقافة التدريب” والتعلم من الخبراء المتخصصين في فريقهم، أرى أن تطبيق هذه المهارات يجب أن تصبح جزءا من ثقافة الشركة، وليس لمجرد الصيت والسمعة، إذ لم تعد المهارات الهندسية الميكانيكية والكهربائية “التقليدية” كافية بمفردها؛ ولذلك نحن بحاجة إلى إعداد الناس للقطاع الصناعي بأكمله، يجب كذلك خلق رحلة تعليمية هادفة تجمع بين التعلم التقليدي والتعلم عبرالإنترنت؛ والتي تساعد على زيادة المهارات أثناء العمل والتي من خلالها يمكن أن تساعد الشركات المصنعة على تحقيق المزيد من الاتساق في قيادتهم.
خامساً: ستكون أماكن عملنا في المستقبل متنوعة وعالمية؛ لذلك يُتطلب من القيادة الفعالة الاستفادة من اختلافات الفريق ووجهات نظرهم الفردية – ما يدعى بالذكاء الثقافي -، مع وجود قوة عاملة متعددة الأجيال ومتنوعة الثقافات، سوف يحتاج القادة إلى القدرة على بناء مهارات الاتصال الفعالة.
وباختصار؛ لقد كان لجميع الثورات الصناعية تأثير عميق على العالم، والثورة الصناعية الرابعة ليست استثناءً، وسوف تشهد أماكن العمل تحولات هائلة لا مثيل لها من قبل، وستواجه الشركات تحديات في الاعتراف بهذه التغيرات والتكيف معها، ولذا فمن المهم للقادة الطموحين مواكبة المشهد المتغير والحفاظ على نهج مستنير ومرن لتوجيه الأعمال في المستقبل، إن ما أدى إلى نجاح الماضي لن يكون بعيداً عن أسباب نجاح الغد؛ ولكن يحتاج القادة إلى “المرونة” لاستيعاب واحتضان الواقع الجديد في المستقبل، أعتقد وبشكل كبير بأننا إذا كنا نستطيع تحقيق رؤية واضحة لما نريد القيام به مع القدرة على جلب القيادة الفعالة؛ فلسوف نتمكن من تحقيق الانتعاش في سوق العمل بشكل رائع.
balmangour@gmail.com
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال