الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُنتظر من الغرف التجارية الصناعية بيت القطاع الخاص ورجال الأعمال أن تضطلع بدورها المأمول نحو المزيد من الحراك في المشهد الاقتصادي ذلك أنها بمثابة النافذة الأهم للقطاع الخاص بتوسيع إسهاماتها في دعم المنشآت بكافة أنواعها وخصوصاً الصغيرة ورواد الأعمال وتقديم الاستشارات والحوافز لهم فصناعة التشاركية اليوم ليس لها حدود الكل شريك في عجلة التنمية والتطوير ورسم خارطة طريق نحو الأفضل. ومن هنا كان لزاماً على تلك الغرف أن تعيد رسم مكتسباتها الاستراتيجية بأعمال أكثر تكاملاً مع القطاع الخاص.
لسنوات طويلة استمر القطاع الخاص في الاعتماد كليّاً على الإنفاق الحكومي، خلقت هذه الفلسفة ثقافة المظلة الاقتصادية التي يُسيّر بها هذا القطاع أعماله وفي حدودها، لم تكن حينها لديه الرغبة في خلق قدرات نوعية ذاتية أو إرادة حقيقية في تنوع العائد وتوسيعه بل أنه منح أدبياته عامل الربحية التي لا تأتي إلا من الموارد الحكومية فقط، صحيح أن القطاع الخاص شريكاً مهماً في برامج التنمية لكن هذه الشراكة لم تخلق القيمة المُضافة لأفقية أعماله وتحوله نحو النموذج الجديد (الاقتصاد الإنتاجي) والذي يُعد العائد منه هو الإسهام الحقيقي في رفع معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي.
وفي المقابل كانت نشاطاته وقتية تنتهي بنهاية هذا المشروع لينتقل الى مشروع آخر، فلم يستجيب للتوسع وتوليد الأعمال واستقلالها وتطويرها ليصبح لاحقاً على واقع جديد واقع رؤية المملكة 2030 والتي أكدت على اهمية رفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي وفق أُطر ومعايير كانت غائبة في قاموسه، وحتى كتابة هذا المقال لاتزال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة ضمن حدود 40% اي ما يقارب 264 مليون ريال خلال الربع الاول من هذا العام بينما المستهدف في عام 2030 هو 65% ..
حسناً ، الى هنا والأمر يبدو انه بحاجة الى اعادة ترتيب اوراقه بدلا من القذف بها في أتون هذه التحولات الجديدة دون فاعلية هذه التحولات المهمة التي صنعت من الاقتصاد السعودي واجهة عالمية جاذبة في كافة المكونات، واجهة لا ركون فيها الا للأفضل، للجاد، لعشاق التحدي والإنتاج، فهل سيكون القطاع الخاص أهلاً لذلك؟ ثم دعونا نتفق على متطلبات المرحلة وكيف نقلص من اعتماد القطاع الخاص على الانفاق الحكومي؟
إن النموذج الاقتصادي الجديد في المملكة يفسر ذلك التغيّر في هذه المرحلة تحديداً بأهمية التنوع والاستدامة وبأدوات تعتمد على الإنتاجية اي الدفع قُدماً بمكونات الاقتصاد الانتاجي نحو مفهومه الشامل المعتمد على (الكفاءة الإنتاجية واقتصاد المعرفة) كمؤشرات تقاس بها درجة توظيف الموارد وتحويلها الى سلع نهائية وهما من أهم مؤشرات النمو في هذا القطاع، وبناءً عليه يكون الإرتقاء بالإنتاجية جزء لا يتجزء من منظومتي الاقتصاد الكلي والجزئي بما في ذلك خلق الفرص الواسعة من الوظائف للسعوديين والتي تتكامل جميع معطياتها معاً ومن ثم نمو الناتج المحلي الاجمالي .
إن القطاع الخاص أمامه الكثير من الفرص الواعدة والتي ما كان لها أن تتحقق إلا بإعادة ترتيب منظومته وفلسفته التي تبدأ من داخله أولاً، فهو بحاجة ماسة الى تطوير السياسات الداخلية وهيكلة مؤسساته واعتماده على معايير الكفاءة التشغيلية والتوظيف الأمثل للمدخلات بما يضمن جودة المخرجات واستدامتها وخلق مساحات واسعة من الحوافز وبيئات عمل آمنة ومحفزة وفي نفس الوقت جاذبة اضافة الى صناعة معايير للتنافسية والحوكمة قابلة للتطبيق وكذلك تعزيز قيّم سلوك المنشآت والتدريب والتطوير لأن الموظفين الاكفاء هم رأس مال المنشأة الحقيقي مضافاً لما سبق الاهتمام الجاد بالاستثمار في التقنية وتوطينها اي تعزيز قدرات الاقتصاد المعرفي وفتح آفاق مرنة نحو فاعليته في كافة القطاعات التي تعزز من المنتج المحلي وتسهم في تعزيز صادرته.
مجمل القول : لا أحد ينكر الدعم اللامحدود من القيادة الحكيمة وبالأرقام الفعلية هذا الدعم الذي تكاملت معه الوزارات والهيئات ذات العلاقة سواء كانت في منظومة التمويل او تطوير الإجراءات والتسهيلات او مختصة بتعزيز المحتوى المحلي والصادرات أو تلك التي صنعت مبادرات تشاركية اضافة الى أن سياسة التخصيص تجري وفق ما تم التخطيط له ووفق مراحل زمنية معينة كل هذا ما كان له ان يتحقق لولا الآمال المعقودة على القطاع الخاص والغرف التجارية الصناعية والمناط بها الدور الاقتصادي التنفيذي لتلك المبادرات والبرامج.
وعليه نتطلع الى تحول جذري في الأداء وتكاملاً اوسع في بنية المجتمع المعرفي وترسيخ ثقافة الاستثمار في الكفاءات السعودية والعمل الممنهج، نعم ستتغير المعادلة إيجاباً وحتى يتحقق ذلك هذه دعوة للتحرك نحو الامام بخطوات مباركة نحو غدٍ مشرق بالنجاح المستمر والازدهار الشامل .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال