الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لو نظرنا الى الصناعة السويسرية سنرى فيها أشياء تظهر لنا على أنها بسيطة، الا ان قيمتها عالية جداً مثل الساعات اليدوية والأدوات الدقيقة. من هذه الأدوات المنتج الأشهر عالمياً والمعروف تحت مسمى “سكِّين الجيش السويسري”.
“فيكترونيكس” شركة صناعية في قرية إِيبَاخْ السويسرية. فيها ما يقارب الألفين موظف من أبناء المنطقة. مبيعاتها جاوزت النصف مليار يورو سنوياً من مبيعات سكاكين الجيب متعددة الاستخدامات. إضافة للخنجر أو ما يعرف بالحَرْبَة العسكرية (أو السُنْكِي) المعتمدة للاستخدام في بُنْدُقِيات جنود الجيش السويسري وعدة جيوش أخرى في العالم.
تطورت منتجات الشركة لتشمل أدوات نثرية أخرى مثل سكاكين المطبخ، وبوصلات وساعات للرحلات والمهمات الكشفية. من خلال هذه المنتجات، حافظت “فيكترونيكس” على استمرارية تطورها وتعزيز قوتها كمنشأة متوسطة الحجم.
جودة منتجات هذه الشركة ابهرت العالم. وقد كنت حريص على أن أمتلك بعض من منتجاتها. ولكن قبل مدة، كان لي نصيب في خنجر غالي الثمن من انتاج أحد أشهر مصنعي الخناجر بمنطقة نجران. وانبهرت بمقبض الخنجر ودقة فنيات القطعة كاملة وما عليها من فضة مصنعة بيد ماهرة ومطعمة بفصوص من الأحجار الكريمة النفيسة وصلابة نصل الخنجر.
لكن ما أبهرني حقاَ – من خلال متابعتي لهذه الصناعة – هو وجود وتملك المعرفة والكيفية لصناعة الخناجر العربية والسكاكين في منطقة نجران. إضافة الى أنى لاحظت أن نجران السعودية فيها الكثير من السِمَات المشابهة لسِمَات إيباخ السويسرية في جودة صناعة الخناجر. بمعنى آخر، نجران تمتلك اقتصاد معرفي وبجدارة ولكن يحتاج الى تفعيل.
هنا الحّ علي سؤال لماذا لا تكون نجران منتجة ومصدرة للسكاكين متعددة الاستخدامات وسكاكين مطبخ إضافة للخنجر العربي تحت مسمى “سكِّين الجيش السعودي” او العربي كما هي إيباخ المنتجة والمصدرة لأدوات تحت مسمى “سكِّين الجيش السويسري”؟
من خلال برنامج وطني تدريبي وفني ومالي محترف ومتخصص لإثراء هذا الاقتصاد المعرفي وتطويره كصناعة حديثة (وما ينتج عنه من صناعات مساندة)، نجران تستطيع أن تنطلق بنا من خلال انتاج أدوات تحت مسمى “سكِّين الجيش السعودي” وفي وقت قياسي نحو الاكتفاء المحلي ومن ثم التصدير للأسواق الإقليمية والعالمية. نجران تمتلك المعرفة وسر الصناعة. ايضاً، طبيعة سمات أهالي المنطقة وبراعتهم وجرأتهم المعهودة في التميز والجدية في العمل تعتبر إضافة هامة في هذا المجال. خاصة ان جودة وجمال هذه المنتجات ستكون لشباب نجران مسألة غير قابلة للمزايدة عليها لأنها فخر ثقافي معهود عنهم.
السويسريون أدركوا أن منافسة الآخرين في أي شيء وكل شيء سينتهي بهم الأمر الى لا شيء وهو توجه استراتيجي حكيم. وبحكم اهتمامهم بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي هي عماد الاقتصاد السويسري، فقد أهتموا بموروثهم وأدركوا نقاط القوة فيه وركزوا على ما يجيدون عمله. لذلك نراهم يصنعون أسواقهم وتواجدهم العالمي بأيديهم واعتماداً على ميزتهم التنافسية الخاصة بهم.
إذا انطلقنا من اقتصادنا المعرفي الموروث، فبحلول عام 2030 سنرى تواجد طبيعي ومتسارع لمنظومات المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المناطق الواعدة التي تساهم بجدية في خلق الوظائف وتنمية المناطق اجتماعياً واقتصادياً والمساهمة في الناتج المحلي الذي يعزز من قوة اقتصادنا الوطني. والدرس السويسري يمكن أن نتعلم منه الكثير. والبداية من نجران.
وبما ان مؤتمر دافوس الصحراء في الرياض وبنسختين فقط استطاع ان ينافس مؤتمر دافوس سويسرا الممتد على مدى عقود، فإن سكِّين الجيش السعودي “خناجر نجران” مؤهلة وقادرة على منافسة سكِّين الجيش السويسري “فيكترونيكس”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال