الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جهود وزارة التجارة والاستثمار في ضَبْط المشاريع المُصنِّعة لمنتجات تُعرف بالتقليد الوضيع أو العُبُودي “Slavish Imitation”، تستحق كل الثناء والتقدير لما في هذه السِلع من غش وغبن صريح للمستهلك. وتعدي على حقوق صاحب المُنتَجْ الأصلي. هذا بالإضافة إلى توظيف غير مشروع للموارد البشرية والمادية. لا يمكن ترك هذه المؤسّسات “الخُفّاشية” تعمل بهذا الشكل الُمضِر باقتصادنا الوطني ولا تُسهِم في الناتج المحلي الوطني.
الا أنه لاحظنا أثناء هذه الضَبْطِيّات وجود مشاريع انتاج قوية فيها كمية تلاعب معرفية عالية عن أسرار المنتجات الأصلية المُقَلّدة.
والسؤال هنا هو كيف ومتى وصلت هذه المشاريع لهذا المستوى المُبْهِر في التقليد وبناء معامل لهذا الغرض وتشغيلها وصيانتها؟ ابتداء من المواد الخام ومروراً بخطوط الإنتاج حتى الوصول الى المستهلك، وهي مواضيع تتمحور حولها الصناعات التحويلية التي نتطلع إلى تحقيقها مع الرؤية.
التقليد يُستخدم كبديل للتجربة لأنه أفضل الوسائل لبناء وتملّك المعرفة اللازمة للإنتاج ومن ثم التطور في وقت قياسي. إذا ألقينا نظرة على التجربة الصينية، سنجد أن استراتيجية الصين في التصنيع بدأت بالتقليد وذلك لتأمين النمو الاستراتيجي في التمكن من معرفة أسرار صناعة المنتجات المٌقَلّدة ومن ثم المحاكاة من خلال التطور في الابداع وتقديم منتجات منافسة قائمة على مواد خام أفضل وربما أعلى دقة في التصنيع.
لذلك، استمرت الصين في تطبيق نظرية التقليد والمحاكاة منذ عام 1953 ميلادية لكي تتمكن من تلبية متطلبات أسواقها المحلية ومن ثم الانطلاق عالمياً عندما تملكت المعرفة الصناعية المطلوبة. ولم تعلن عن دخولها رسمياً مرحلة الابتكار الا في عام 2016. واليوم نرى صناعاتها تنافس عالمياً. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد مارست نفس التجربة وبإفادة البروفيسور “ليفيت” – الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال – والذي استشهد بأسماء شركات ضخمة بدأت بالتقليد المُقَنن مثل العملاق “آي بي إم” وغيرها من الأسماء الرنانة اليوم.
في مرحلة التقليد يعكف رُوّاد الصناعة على تطبيق الهندسة العكسية لتحليل خصائص ووظائف المُنتَج المستورد لاكتساب المعرفة. مع الوقت والتركيز على تطوير الجودة والخدمة المقدمة للمستهلك، يبدأ الريادي الصناعي في الدخول لمرحلة المحاكاة من خلال إطلاق منتجه المنافس للمنتج المستورد في السوق.
وسيصل رواد الصناعة الى انتاج ابتكاري ذو أبعاد جديدة في مرحلة ما بعد المحاكاة. والذي يكون من خلاله الدخول لأسواق جديدة وارتفاع للمبيعات والنمو ومشاركة في السيطرة على التكنولوجيا.
فوائد هذه المنهجية عديدة. في البداية نحد من حالة عدم اليقين والخوف عند أصحاب المشاريع وتقليل الوقت لدخول عالم الصناعة والسوق. وخفض التكاليف على البحث والتطوير. في نفس الوقت تكون مرحلة اكتساب المعرفة واسرار التصنيع الممهدة للطريق نحو الخطوة التالية والمتمثلة في المحاكاة بمنتجات منافسة ومن ثم ابتكار منتجات جديدة. هكذا بدأت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايلند وماليزيا وإندونيسيا وسنجافورة. واليوم يتحدثون بثقة عن اقتصادهم المعرفي.
ليس كل تقليد غير نظامي. أمامنا فرصة لتقييم ما ضُبِط من معامل وخطوط انتاج خفيّة بغرض إيجاد فرص لتصحيح أوضاعها قانونياً. والتعلم منها في تنفيذ برامج تنمية صناعية جريئة قائمة على التقليد والمحاكاة النظاميين. وذلك لدعم روادنا الصناعيين الشباب في الصناعات التحويلية لتلبية متطلبات السوق المحلي اليوم والمنافسة العالمية غداً. تحت شعار “تقليد … محاكاة … ابتكار”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال