الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تأسيس محفظة مالية لتمويل مشاريع الأسر المُنتجة بقيمة 4 مليارات ريال كان خبر جميل صرّح به مدير بنك التنمية الاجتماعية بعد اجتماع اللجنة الدائمة التي تضم البنك و12 جهة حكومية من ذوي العلاقة (جريدة الجزيرة 19 ابريل 2019). وقد أسرد سعادة مدير البنك الخدمات – من مالية وتشريعية وغيرها – والذي سَيُقدّمها البنك إضافة للجِهات الأعضاء الدائمين في اللجنة التي تأسسّت لهذا الغرض.
ولكن توقفت كثيراً عند نقطة أشار لها مدير البنك في تصريحه بأن البنك – أيضا – سيشمل دعمه أعمال التحسين والتطوير والدعم غير المالي مثل التسويق من خلال منصات البيع. خاصّة أن اللائحة التنظيمية لعمل الأسر المنتجة – التي وافق عليها مجلس الوزراء (قرار رقم 92 في 1440/2/7هـ) – فيها نقطة جداً هامة الا وهي جعل منتجات الأسر المنتجة “قادرة على المنافسة وعلى تسويقها محليًّا ودوليًّا.” وهذا الموضوع يتعدى الدعم فيه الى صنع علامات تجارية.
والسؤال هنا من بين حوالي 2.6 مليون متقدم لتمويل البنك – منذ تأسيسه – والذي تجاوز حجم اقراضه لهم 105 مليارات ريال سعودي، كم علامة تجارية صنعت؟ وكم منتج من منتجات هذه الأسر المنتجة أثبتت نفسها باحترافية سواءً في السوق المحلي والدولي؟
أمران تحتاج اللجنة الدائمة الموقرة أن تتنبه لهما أثناء التعاطي مع هذا الملف والذي يتعدى مسألة الدعم المالي والتشريعات:
الأمر الأول:
هو حزمة العوامل التي تؤثر على قطاعات أعمال الأسر المنتجة والمتمثلة في عدم معرفة وقدرة هذه الأسر في تطبيق مفهوم السياق والمحتوى لما يقدمونه للسوق. هذه معضلة ستُعيق حِراك أي مجهود لتطوير هذا القطاع. وهذا واضح فيما نراه اليوم – على سبيل المثال – في فنيات التغليف أو العرض والتسويق خاصة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو التجارة الالكترونية.
الأمر الثاني:
وهو موضوع العلامة التجارية المُكلف جداً والمرتبط بدخول الأسواق العالمية. أهل الاختصاص يعلمون أن العلامة التجارية تعتبر علم مستقل بذاته وله خبرائه. وان قام البنك بتدريب المتقدمين فإنه لن يقدم أكثر من معلومات عامة ولن يستطيع أن يتعاطى مع موضوع العلامة التجارية بالاحترافية التي تتطلبها الأسواق العالمية.
إضافة، لا يمكن لأغلب هذه الأسر المنتجة أن تتحمل تكاليف الاستعانة بخبراء محترفين في صنع العلامات التجارية اللائقة بالأسواق العالمية. نحن هنا نتحدث عن تكاليف تتراوح بين 5 الاف ريال وحتى 30 ألف ريال لعمل خبير علامات تجارية واستراتيجياتها في اليوم الواحد.
بيئة الأسر المنتجة مليئة بالفرص الاستثمارية. مهرجان الجنادرية – كمثال – يثبت ذلك. مع أهمية تواجد جهات من القطاع العام من ذوي العلاقة للدعم المالي والتشريعي لتسهيل المهمة، تحتاج هذه الأسر المنتجة برامج تدريبية وتمويلية متخصصة ومحترفة للمساعدة في تطويرها الى المستوى الذي تبدأ فيه تقديم ما يستحق ويليق بأن يتواجد في الأسواق المحلية والاستثمار فيه. هذا – بالطبع – قبل أن نفكر في الخطوة التالية وهي التواجد في الأسواق الدولية.
مهم أن نتذكر دائماً أن نجاح هذا القطاع ليس بعدد الأسر المنتجة المدعومة من قبل بنك التنمية الاجتماعية – الذي نحمله فوق طاقته – ولكن بعدد العلامات التجارية الفارقة وصناعة سوق محلي ودولي لمنتجات حقيقية لها أثرها على الاقتصاد والمجتمع. وهنا فإن اللجنة الدائمة الموقرة تحتاج لمساندة استراتيجية من القطاع الخاص لإنجاح هذه المهمة.
القطاع الخاص قائم على مفهوم الإنتاج والأسواق والمنافسة. ويمتلك الأدوات والمعرفة والتجربة في صناعة العلامة التجارية وفتح أسواق جديدة بكل ما يطلبه الأمر من فنون ومعارف واتصالات. وهو من سيطور هذه المنظومة الهامة جداً اقتصادياً واجتماعياً. خاصة لو أشمل في دعمه إيجاد أسواق مركزية (مجمعات) متخصصة لمنتجات هذه الأسر.
لذلك اللجنة الدائمة المعنية ببرنامج الأسر المنتجة تحتاج الى تطعيم ثري من القطاع الخاص ل تولّيه فنيّات ادارة وتطوير والأخذ بيد هذه الأسر المنتجة الى الأسواق المحلية والدولية باحترافية. والا سننتهي “ببسطات” داخل حارات أو على أبواب مجمعات وهذا ما لا يتوافق مع تطلعات الرؤية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال