الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المُفارقات الغير مفهومة لموقف وكالة “بلومبيرج” تجاهنا أنها أعلنت تعيين ياسر الرميان رئيساً لمجلس إدارة أرامكو السعودية ووصفت هذه الخطوة انها استعداداً للطرح العام لشركة ارامكو. لكنها عادت بعد يومين من الاعلان لتُقيّم الرميان تقييماً مُجحفاً وتُشكّك في قدراته في رئاسة مجلس إدارة ارامكو بحجّة أن خلفيته المهنية مالية وليست نفطية وكأنه رئيس تنفيذي وليس رئيس مجلس ادارة.
وبالتالي يستنتج كاتب المقال المنشور في بلومبيرج ان الرميان ليس بالرجل المناسب، لكن الكاتب يتجاهل ان ياسر الرميان هو محافظ احدى أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم وهو “صندوق الاستثمارات العامة” والذي يسير نحو التربع على قمة الصناديق السيادية على مستوى العالم. لكن الكاتب ومن سمح بنشر ذلك الرأي يتجاهلون أن منصب رئيس مجلس الادارة يتعلق في المقام الاول بالقرارات الاستراتيجية والحوكمة والرقابة والاستثمار. كما ان كاتب المقال ومن سمح بنشره يتناسون وفي نفس الوقت أن شركات نفط عالمية كبرى كان اثنان من رؤساء مجالس إدارتها قدموا اليها من عالم الاتصالات وليست لديهم أي دراية بقطاع النفط والطاقة.
هل وكالة اعلام كبيرة مثل “بلومبيرج” لا تُدرك ماذا يعني “مجلس إدارة” وماذا يُناقش فيه؟ بل هل تعي “بلومبيرغ” ابجديات الاستثمار التي تتطلب فنيّات محدّدة بما فيها القيادات المناسبة التي تحتاجها الشركات الضخمة – مثل أرامكو السعودية – في مرحلة ما قبل طرح جزء من اسهمها في الأسواق؟
للأسف، هناك فرق بين اعلام يُقدّم معلومة ناقدة وتحليلات مفيدة وآراء شاطحة قد يكون لها اهداف معينة من ذلك او تبحث عن الاستفزاز عبر نشر تحليلات لاتقوم على اي أسس علمية أو مهنية. ربما نجد عُذراً لبعض الصحفيين الذين هم يقتاتون من خلال الفرقعات الصحفية، أو قد يكون القصور نتج – وهنا لابد من الاعتراف – لأن مسيرة الطرح الأولي لأرامكو لم تتحلّى بنهج إعلامي مُناسب يواكب حجم وتطلعات الأهداف المأمولة من هذا الطرح. وكان القصور واضح في التعاطي مع الطرح سوآءً من إدارة العلاقات العامة بشركة أرامكو السعودية أو وزارة الطاقة لتغذية إعلامنا المحلي.
ولكن ما لا يُقبل من وكالة كبرى مثل “بلومبيرج” أن تقبل بنشر هذا الهُراء على صفحاتها. ولا نقبل منها او من غيرها ان يُفرز لنا نماذج أصبحت ترى نفسها مُنظّرة بتقديم معلومات وتحليلات مغلوطة شكلاً ومضموناً.
ربما تحتاج وكالات الانباء مثل “بلومبيرج” وغيرها أن نوضّح لها أن مؤسساتنا الكبرى مثل ارامكو السعودية وغيرها والتي لها مصداقية وموثوقية في استقرار الاقتصاد العالمي لا تعتمد على اشخاص ولكن على سياسات الدولة العُليا ونظامها التشغيلي الداخلي والذي تحاول محاكاته الكثير من شركات النفط العالمية والتعلّم منه.
التعيين للكفاءات مسألة تعتمد على خلفيات علمية ومهنية لرجال الدولة. ارامكو السعودية تدخل مرحلة طرح جزء من اسهمها للاكتتاب العام، وهذا ما جعل الدولة تفصل رئاسة مجلس ادارتها عن الوزارة المعنية بمتابعة شأن النفط حتى لايكون هناك تعارض،. وطبيعي ان شخصية ذات مصداقية وموثوقية عالية جداً في عالم المال والاستثمار – مثل شخصية معالي الأستاذ ياسر الرميان – تكون سيدة الموقف في هذه اللحظة المفصلية لأرامكو السعودية. فالجميع يؤدون اعمالهم وفق متطلبات المراحل، والمرحلة التالية تحتاج لشخصية لديها إلمام بالاسواق المالية لتهيئة الشركة الى هذه المرحلة الهامة والمفصلية في فالاسواق تنتظر بشغف لاكتتاب اكبر شركة على مستوى العالم من حيث الربحية.
انشغلنا بطرح أرامكو السعودية، ودخل الجميع في نقاش وسجال، ونسينا في خضم هذا العصف الجدلي ان أحد أهداف الطرح – كما ذكره عرّاب هذه الرؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله – هو الشفافية ومراقبة أرامكو – بحكم حجمها وحساسيتها – بشكل مكثّف. وهذا سوف يكون له دور مفصلي في الحوكمة ورفع كفاءة الأداء للشركة الذي من شأنه أن يُحسّن ويُعظّم ربحية الشركة. ويخلق بيئة شفّافة لكبح أي فساد محتمل. وهنا – كمثال – تبادل او تغيير الادوار لرجال الدولة – كما تراه قيادتنا العُليا – يخدم أهداف مراحل الرؤية.
الشيء الذي يجهله كثير في الصحافة العالمية او ربما يتعمدون تجاهله هو ان الدولة السعودية ورجالاتها يعملون كخلية النحل، وفق اهداف محددة فالرؤية السعودية 2030 تتوزع الى مراحل ومتطلبات وطبيعي تغيير الادوار حسب الحاجة.
اخيرا، سقطات الإعلام النفطي العالمي لابد أن نستثمرها اليوم لتأسيس اعلام نفطي وطني بكوادر سعودية قادرة على العمل بمرونة واستباقية، وبأدوات إعلامية قوية تمكّننا من مواكبة القفزات النوعية لرؤيتنا الطموحة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال