الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تُشكل مجموعة العشرين اجتماع أقوى الاقتصادات العالمية، فمنذ عام 1999م تجتمع الدول العشرين من أجل التفاهم حول السياسات المالية والاقتصادية، وتدخل الدول الأوروبية بتمثيلٍ لبعض أعضائها، علاوةً على وجود الاتحاد الأوروبي أيضًا كعضو في الاجتماع، ومع مرور الوقت تعددت الموضوعات التي يتم طرحها لأبعد من مجرد السياسات المالية، فتاريخيًا شملت الموضوعات التي تم طرحها على سبيل المثال لعام 2006م «بناء الرخاء والحفاظ عليه»، كما شملت القضايا التي تمت مناقشتها إصلاحات محلية لتحقيق «نموٌ مستدامٌ لأسواق السلع والطاقة والموارد العالمية، وإصلاح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتأثير التغيرات الديموغرافية بسبب شيخوخة سكان العالم»، ويدل ذلك على تركيز الاجتماعات الأولى على المواضيع الاقتصادية ومواضيع الاستدامة، وكيف يمكن للدول الكبرى المساهمة إيجابًا في الازدهار العالمي، ففي عام 2007م استضافت جنوب إفريقيا الأمانة العامة لقمة العشرين مع تريفور مانويل، وزير المالية في جنوب إفريقيا كرئيسٍ لمجموعة العشرين، وفي عام 2008م، كان السيد جويدو مانتيجا، وزير المالية البرازيلي، رئيسًا لمجموعة العشرين وكان الحوار المقترح في تلك الفترة يُناقش الأسواق المالية والطاقة النظيفة، إضافةً إلى التنمية الاقتصادية والعناصر المالية للتنمية.
وفي الحادي عشر من أكتوبر لعام 2008م، تحديدًا بعد اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع، صرح الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بأنَّ الاجتماع القادم لمجموعة العشرين سيكون مهمًا في إيجاد حلولٍ للأزمة الاقتصادية المتزايدة، والمتتبع لذلك يلحظ أنه ومع مرور الوقت ازدادت تلك الأزمات الاقتصادية تعقيدًا؛ نظرًا لزيادة التبادل التجاري بين الدول وظهور أنماط تبادلٍ تجاريةٍ مختلفةٍ، إضافةً إلى زيادة حجم الاقتصادات العالمية، وظهور قوى جديدة وأنماط جديدة من الشركات مثل شركات التقنية التي باتت تؤثر بشكلٍ كبيرٍ في الاقتصاد العالمي، علاوةً على الإبداع والابتكار الذي أصبح محركًا لكثيرٍ من السلع، ومع ذلك التقدم التقنيّ والاقتصاديّ، توالت أيضًا الأزمات السياسية والأمنية، وتطورت أجندة اجتماعات مجموعة العشرين لتشمل موضوعات الاستدامة ودعم رأس المال البشري، والأمن والسلام العالميين؛ لما لتلك المواضيع من أثرٍ مباشرٍ في التطور الاقتصاديّ بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر، ومن ذلك أيضًا ضمان الدول الأقل حظًا اقتصاديًا أن ينالها جانب من الشمول والعدالة في التنمية من خلال خُططٍ تتبناها المنظمات العالمية وعلى رأسها أهدافُ التنميةِ المستدامةِ العالمية، ويدل على ذلك ماوضعته الأرجنتين من أولوياتٍ لجدول أعمال حوار مجموعة العشرين 2018م، المتمثل في: مستقبل العمل، البنية التحتية للتنمية، مستقبلٌ غذائيٌ مستدام.
وهذا يدل على التفاعل والتكيف الذي تشهده تلك الأجندات المستندة إلى التطور الإنساني، وكيف أنَّ التقنيات الحديثة أثّرت في مستقبل العمل، وأنَّ المهارات الحالية للعمال قد اختلفت عن تلك التي كانت عليها في أولويات الألفية الحالية، وكيف ستتغير أيضًا بشكلٍ مطّرد مع التطور التقني وتطور الاتصال والمواصلات ولا سيما في مجال التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، ومع تلك التطورات يظل السؤال يتركز حول مثلث «الإنسان والعمل والبيئة» إذ يتم التركيز عليه في كل قمة وكيف يمكن للدول المجتمعة التفكير في تلك المنظومة.
كما غطت اليابان في قمة عام 2019م موضوعات تعزيز الاقتصاد والنمو القوي المستدام والمتوازن، مع توفير قدرٍ أكبر من المنافع العامة الدولية والمرونة، ورقمنة الاقتصاد وشيخوخة السكان، وتمكين المرأة، كما تناولت أيضًا موضوعات البيئة ولاسيما فيما يتعلق بالمخلفات البلاستيكية، ولا يخفى ما تم مؤخرًا من التنافس المشتعل بين كلٍ من الولايات المتحدة والصين حول السياسات الحمائية والسلع التقنية خاصة فيما اُشتهر بقضية شركة هواوي الصينية، وما زال الصراع قائمًا بين الطرفين، وكل طرف يقوم بتصعيد الإجراءات تجاه الطرف الآخر، لكن بوادر الحوار موجوده ولا سيما ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي مؤخرًا بمراجعة تلك الإجراءات مما يدل على أنَّ دولة الصين قد أصبحت قوة لا يمكن الاستهانة بها على الصعيد الاقتصادي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال