الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بدأت المملكة العربية السعودية بدعم الصناعة الوطنية منذ عقود وخصوصاً عام 1974 م عندما أنشأت صندوق التنمية الصناعي وفتحت الباب لاستقدام العمالة الرخيصة وكذلك بتفضيل الصناعة المحلية في المشتريات الحكومية، ولكن عندما رُفع الدعم عن الطاقة وتم إقرار المقابل المالي في مطلع 2016، أصبحت الصناعة تعاني.
حصل تعثرات وخرج البعض من السوق، طالب الصناعيين بأنشاء وزارة خاصة بهم وفصل الصناعة عن وزارة الطاقة، وهذا ما حدث في الأسبوع الماضي، ولكن هل هذا سيكفي لإنقاذ الصناعة؟، وهل ستُحدث الوزارة فرقاً في تنافسية المنتج السعودي ودعم تصديره وفي تطوير الصناعة أم أنها ستكون غرفة انعاش للمصانع المحلية؟
كثير من مطالبات الصناعيين تتلخص في حماية المنتج المحلي من المنتج الأجنبي، تطوير الخدمات اللوجستية، تقليل تكلفة العمالة وأسعار الطاقة، لكن هل هذه فعلا تكفي لدعم وتطوير الصناعة الوطنية أم أنها مسكنات ومغذي لهذا القطاع؟.
لو نظرنا الى اكبر عشر دول صناعية في العالم لوجدناها تعتمد على أمرين مهمين، أما رخص في الايدي العاملة مثل الصين وكوريا والهند، أو أنها تعتمد على جودة المنتجات وعلى صناعات معقدة حديثة مثل امريكا وفرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا.
إذا اخترنا أن نكون مثل الهند والصين فلا بد من فتح باب العمالة الرخيصة وإلغاء المقابل المالي أو أتمتت المصانع بالكامل، ومع هذا سيكون من الصعب منافسة مصانع الصين والهند والتي تعتمد على اقتصاديات الحجم الكبير، أما إذا اردنا أن نذهب مع الخيار الثاني وهو جودة المنتجات وتأسيس صناعات معقدة حديثه، فأن هذا سيتطلب مراكز أبحاث ومعرفة وايدي عاملة ماهرة وتوطين تقنية.
وبالنظر للإصلاحات الحالية في رؤية 2030، نجد أن الحل الاول لن يكون مقبول لدى الحكومة وغير مستدام، ولو افترضنا أنه هو الحل، فان وزارة الصناعة الجديدة ستكون غرفة انعاش فقط لمحاولة حماية المصانع الحالية من التعثر، لكن لن يكون هناك تقدم يذكر في الصناعات الوطنية وستستمر المعاناة.
والحقيقة ان الخيار المتاح وفقاً لرؤية 2030 هو الخيار الثاني، وهذا يطلب دور أكبر من وزارة الصناعة والتفكير خارج الصندوق وتطوير صناعات حديثة، لكن هذا التطوير قد يحتاج في البداية الى دخول أذرعة الحكومة الاستثمارية لقيادة هذا القطاع لأن القطاع الخاص لن يتمكن من تطويره نظراً لارتفاع التكاليف وحاجته لتعاون جهات حكومية وبحثية لأنشاء مراكز أبحاث وتطوير واستقطاب خبرات عالمية ونقل وتوطين التقنية.
مع العولمة والتجارة الدولية والتجارة الالكترونية، إذا لم يستطع المنتج السعودي المنافسة سعراً وجودة فلن يستطيع المنافسة لا محلياً ولا عالمياً وسيستمر في طلب دعم حكومي، لذلك فالتحديات امام الوزارة الجديدة كبيرة، ونسأل الله أن يوفق الوزارة والقائمين عليها لهذه المهمة الصعبة والتي في نجاحها مردود اقتصادي كبير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال