الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل أكثر من عشرين عاماً؛ اتجه العديد من المواطنين البريطانيين إلى مؤسسات التمويل للحصول على قروض لشراء الواح الطاقة الشمسية، وذلك من شركات الطاقة البديلة والتي تقدم خدمة متكاملة لتصنيع وتوليف وتركيب Solar Panels في اسطح المنازل، وكان هدف المواطن البريطاني حينها هو الحصول على مصدر للدخل وأيضاً توفير جزء من فاتورة مصروفات الطاقة؛ كمبدأ استثماري لتوفير فاتورة الكهرباء، وايضاً إنتاج وبيع الكهرباء، كما كانت تذكر اعلانات هذه الشركات في ذلك الوقت.
خلال هذه الفترة التي تزيد عن عشرين عاماً كانت المملكة ودول الخليج تنظر للطاقة البديلة بترقب، وقد كان يفكر المتشائم حينها بأن نهايتنا تقترب تدريجياً كلما تطور العلم والاستثمار في مجال الطاقة البديلة، لأننا كأصحاب ثروة طاقة طبيعية ناضبة، لن يكون لتجارتنا مكان في السوق العالمي الذي ينتج طاقته بأشعة شمس وحركة مياه ورياح!! وكان بعض (الفشارين) وهو وصف سليم لأصحاب المبالغات الوهمية عن الغرب؛ يملأون مجالسنا بقصص إنتاج الطاقة التي لم ولن نجد لها مصادر صحفية او علمية حقيقية. وكان ردي الدائم، اذا كان ما يقال عن الطاقة البديلة صحيحاً، لماذا لم يتوقف الغرب والشرق عن شراء نفطنا المسكين!!
انتشرت تقنيات الطاقة الشمسية على استحياء في بعض المنازل بالمملكة، توازياً مع انتشار تقنيات بيئية أخرى مثل معالجة المياه الآسنة وغيرها، الا انها ورغم حرارة الجو الشديدة، لم يكن أفضلها حالاً ينتج طاقة كافية حتى لتشغيل مكيف ومصباح واحد!! والسبب طبعاً يكمن في ضعف جودة المنتج وقلة خبرة فني التركيب وايضاً عدم وجود صيانة وتنظيف للالواح بشكل دوري، وايضاً جانب تقني مهم، وهو زاوية تلقي اشعة الشمس، وهي التي قد (تجب) الفكرة من أساسها.
عندما رأيت ماحدث من فشل ذريع لألواح الطاقة الشمسية التي يتم تركيبها للاستخدام الشخصي بالمملكة، ظننت ان ما حدث كان نتيجة لعدم وجود فنيين وعمالة ماهرة في هذا المجال، إضافة إلى عدم وجود استثمار جريء سواءً بالتصنيع المحلي والادارة او التدريب والتطوير للكوادر، ولكنني تخليت عن هذا التفكير تماماً بعد خبر قناة BBC مؤخراً عن اتجاه آلاف البريطانيين إلى المؤسسات الحكومية لتوجيه شكاوي ضد شركات تصنيع الواح الطاقة البريطانية التي قامت (بالنصب) عليهم على حد قولهم وذلك بإغرائهم بالشراء بالتقسيط المريح بعد تسويقهم لوهم (إنتاج) الطاقة ووهم (توفير) جزء من قيمة الفاتورة.
وهي كما ترون فكرة خبيثة، متوقع ان يتم استنساخها قريباً من قبل بعض ضعاف النفوس من عشاق الكسب السريع في العالم العربي، حيث لا تستغرب اذا وجدت اعلانات وهمية موازية لغلاء الفواتير تملأ الشوارع والتواصل الاجتماعي، لإغراء ذوي الدخل المحدود بشراء الواح الطاقة السحرية، التي ستحمل عنه (هم) الفواتير، بل وستصبح مشروعاً استثمارياً لا يأكل ولا يشرب، وسيمكن للعميل دفع القسط الشهري من مبيعات الطاقة الذي سيدخل لحسابه من جراء بيع الطاقة الوفيرة الناتجة عن الألواح.
والعقل والمنطق يقول ان مثل هذه المشاريع لن تكون مجدية بشراء لوح او لوحين، بل بمئات الألوف من الألواح لتكون ذات جدوى اقتصادية، وهذا امر لا تقوى على الاستثمار فيه الا الحكومات الغنية جداً او الدول الممنوحة لقروض من البنك الدولي او الأمم المتحدة.
من هذا المنطلق، وبكل بساطة، كن أيها السعودي ذكياً فطناً واستخدم الترشيد والادخار لسداد فواتيرك والتزاماتك، واستثمر في التعليم والتقنية لك ولأبنائك، واترك لغيرك المغامرات الاستثمارية سواءً في الألواح الزجاجية او العملات الرقمية او غيرها من أساطير النصابين والهواة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال