الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في هذا العصر الصناعي الذي لا يهدأ ولسد احتياجات ما يقرب ثمانية بلايين نسمة من سكان العالم، يحتاج العالم – في المقام الأول – إلى أمن في توفير إمدادات الطاقة التي تغذي اقتصادياته وتدعم ازدهار مجتمعاته.
والمتمعن – المخلص في تمعنه – لا يجد أمامه أنموذجاً مثالياً للعب هذا الدور المهم كالمملكة العربية السعودية. فقد أخذت على عاتقها وعلى مدى عدة عقود طويلة تحمُل عبء موازنة العرض والطلب على النفط بالنيابة عن صناعة النفط العالمية من خلال تطوير وتنفيذ استراتيجية تُسمى “الطاقة الإنتاجية الفائضة”.
ولم تكن المملكة لتلعب هذا الدور لولا حكمة قيادتها وقوة اقتصادها وكفاءة صناعتها النفطية وجزالة قدراتها الإنتاجية كأكبر مصدر للنفط في العالم وثالث أكبر منتجيه مما يؤهلها لزيادة قدرتها الإنتاجية من النفط في أقل من ثلاثين يوم عند الحاجة لسد أي عجز عالمي في إمدادات الطاقة.
المتابع لهذه الصناعة يجد أن هذه الاستراتيجية تتيح لدولة مثل المملكة العربية السعودية، أن تلعب دورا أساسيا بما يسمى اليوم “المنتج الأرجوحي”، بحيث تؤهلها لزيادة أو خفض إنتاجها من النفط في حالة حدوث خلل في توازن العرض والطلب العالمي على النفط لأي سبب، سواءً كان لأسباب تشغيلية أو تقنية أو جيوسياسية أو حتى عوامل كوارث طبيعية أو أمنية.
وتُكمل هذه الاستراتيجية الفريدة من نوعها أيضًا استراتيجية أخرى يطلق عليها “التخزين المرن”، حيث يتم امتلاك أو تأجير العديد من منشآت التخزين السطحي للنفط الخام بالقرب من كبار مستهلكي النفط مثل آسيا وأوروبا وأمريكا. تعمل هذه الإستراتيجيات على زيادة أمن الطاقة العالمي وتخفيف أي أثر لانقطاع الطاقة على الاقتصاد العالمي.
ومن الغريب أننا نجد القليل ممن يعترفون بفضل المملكة العربية السعودية لتبنيها هذه الإستراتيجيات ويمنحونها الفضل والتقدير الذي تستحقه على الرغم من حقيقة أن هذه الاستراتيجيات مكلفة للغاية بحيث يتوجب على المملكة تطوير العديد من الحقول النفطية وحفر الكثير من الآبار وإنشاء خطوط أنابيب وبناء المنشآت والمعامل النفطية لتمكنها من تنفيذ هذه الاستراتيجيات في حالة وجود أي حاجة لها خلال أسابيع قليلة. يمكننا تقدير التكلفة الإجمالية التراكمية على مدى العقود الماضية لبناء وصيانة كلا الاستراتيجيتين بعشرات المليارات من الدولارات.
وبالنظر إلى العقود الماضية، لم يكن هناك سوى بلد واحد لديه دائمًا القدرة والإستعداد على دفع هذه التكلفة الإضافية بالنيابة عن العالم والقيام بهذا الدور الاستراتيجي ومهما كانت التكاليف. في الوقت نفسه وللأسف الشديد، تجد بعض الآراء الغير منحازة التي تٌنشر في بعض الصحف العالمية تتحدث سلبًا عن المملكة، وتشكك في كل قرار تتخذه سواءأ كان اقتصاديا، أو اجتماعي أو سياسيا. مع الأسف الشديد نجد أن معظم هذه المقالات مدفوعة بالعواطف، وليست بالحقائق ويكتبها مؤلفون يٌعرفون بتحيزهم الغير مبرر ضد المملكة العربية السعودية.
قرأت هذا الأسبوع مقال مزعج جدا في صحيفة الفاينانشيال تايمز كتبه مؤلف مدونة الطاقة والكهرباء في فاينانشال تايمز. يتساءل المقال عن قدرة السعوديين على التعامل مع العمل الإرهابي الشنيع الذي حدث ضد منشآتها النفطية في أبقيق وخريص وألقى باللوم على قيادتها وشكك في قدرات أرامكو السعودية التقنية للتعامل مع هذه الأحداث. مع الأسف الشديد أن تجد بعض الصحف ذات السمعة والإنتشار الكبير تسمح بنشر مقال سلبي مثل هذا المقال مليء بالاتهامات غير المدعومة بالحقائق، التي تٌعرض للقراء حول العالم بطريقة تشكك في مصداقية هذه الصحيفة قبل أن تشكك في قدرات بلد مثل المملكة العربية السعودية وقدرات شركة عالمية مثل شركة أرامكو السعودية ومنهدسوها السعوديون المشهود لهم عالميا بقدراتهم الإدارية والتقنية.
والمتابع للمؤتمر الصحفي الذي عقده مؤخرا صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة وما جاء فيه من أخبار سارة أثرت إيجابا على سوق النفط العالمي يجد أن أي تشكيك في قدرات المملكة ومهندسيها للعب هذا الدور المركزي في تقوية وضمان أمن الطاقة العالمية مجرد ظلم وافتراء لا أساس له. لقد تناسى هذا المقال ذكر قدرة أرامكو السعودية ومهندسيها السعوديين على إدارة أكبر احتياطيات وحقول النفط العالمية بسجلات ومعدلات تشغيلية لا مثيل لها في السلامة، وكفاءة الطاقة، وكثافة الكربون، وحماية البيئة، والمسؤولية الاجتماعية، ومتوسط تكلفة إنتاج النفط وارتفاع معدلات الإستخلاص من حقولها النفطية والغازية.
من المؤسف أن تجد هذه الأبواق تتحدث سلبا عن المملكة العربية السعودية في نفس الوقت الذي يحدث فيه أكبر هجوم ارهابي ضد أمن الطاقة العالمي في تاريخ البشرية على أرضها. كان من الواجب على هذا الكاتب – وغيره – التعاطف مع المملكة ومساندتها بإدانة هذا العمل الإرهابي الغير مبرر وهذه الجريمة ضد البشرية التي أثرت سلبا على ما يقارب 6% من الإنتاج العالمي للنفط. لقد حان الوقت لكي يقف فيه العالم كله معًا ليرفض ويمنع أي عمل إرهابي ضد أمن الطاقة العالمي سواء كان في المملكة أو خارجها. كذلك يجب على العالم أن يعترف بفضل وتضحيات وجهود المملكة العربية السعودية لقيادة صناعة النفط العالمية ووقوفها في الخط الأمامي لأمن الطاقة العالمي.
يجب أن يعترف الجميع بقدرات المملكة التقنية والبشرية وينبذ أي شخص أو مقال يشكك في ذلك بدون حقائق وبراهين. فالمملكة العربية السعودية قادرة على الحفاظ على مقدراتها ومنشئاتها النفطية وأمنها القومي من أي عدو كان. وسوف تستمر قافلة صناعة النفط السعودية في طريقها نحو تحقيق المزيد من النجاحات محليا وأقليميا ودوليا. إسمحوا لي أعزائي القراء أن أنهي مقالي بالقول أنه عندما تكون في الصفوف الأمامية توقع حدوث بعض الأذى، وكما قيل في الأمثال “لا تٌرمى إلأ الشجرة المثمرة”، والمملكة العربية السعودية بلا شك شجرة طيبة أصلها ثابت على هذه الأرض المباركة وفروعها شامخة في السماء، يستفيد من خيراتها القاصي والداني.
————
www.spe.org
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال