الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استراتيجية وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من المفترض أن يتمخّض عنها تحقيق أحد أهداف رؤيتنا الطموحة نحو الاقتصاد الرقمي. وأن تعمل على أن نتصدر مكانة متقدمة فيه مما يعني ابتكار ومنافسة نوعية. وأيضاً تُمهِّد الطريق لقدرات المملكة الاستثمارية سوآءا في جذب الاستثمارات أو الاستثمار مع الشركات العالمية الكبرى والشركات التقنية الناشئة بما يساهم في تعزيز الإيرادات غير النفطية.
رؤية وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات – حسب ما جاء في ملخص استراتيجيتها المعلن في 26 أغسطس 2019م – هي “تأسيس ركائز استراتيجية رقمية لتمكين حاضر مترابط ومستقبل مبتكر”. سرد الملخص محاور ثلاث تتضمن 13 أولوية لتبيان مدى ترابط استراتيجية الوزارة مع رؤية المملكة 2030. واعتماداً على هذه الأولويات، حُدِّدَت 24 مبادرة استراتيجية بغرض الوصول لمستهدفات خمس تتطلع لها الوزارة.
الملخص تفاؤلي وجيد. ولتحقيق ما جاء فيه، أتوقع أن الوزارة متنبهه بأن هناك تحديات مفصلية تستدعي المواجهة والتغلب عليها أولاً. حتى توجد القاعدة الأساس التي ستقوم عليها الركائز الاستراتيجية الرقمية القادرة على صناعة نمو عضوي اقتصادياً.
توجد أربع تحديات أمام استراتيجية الوزارة – كأمثلة فقط في مضمار تقنية المعلومات – تتطلب مواجهة فورية وجادة.
التحدي الأول:
العمل على انتاج أنظمة تشغيل خاصة بنا. هذا التوجه سيحررنا من احتمالية أي ضغوط مستقبلية علينا سوآءا اقتصادية أو سياسية. ويدعم انطلاقنا في الابتكار الذي يعزز مكانتنا التنافسية. ونستطيع في مرحلة ما أن نكون المستضيف الأوحد لقواعد البيانات لدينا. وهي مسألة في غاية الأهمية لأنها تندرج تحت مظلة ادارة المخاطر والأزمات بخصوص أمن وفاعلية واستدامة منظومتنا المعلوماتية. وفي هذا الخصوص، يمكن التعلم من تجربة الصين التي اعتمدت على استخدام البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر لتأسيس أنظمة تشغيل خاصة. مما صنع اقتصاد رقمي وصل قياسياً الى 34% من مجمل الاقتصاد الصيني في عام 2019.
التحدي الثاني:
العمل على تأسيس ووضع وتنفيذ خطط تواجد المملكة على خريطة العالم في صناعة البيانات. وهذا يرتبط معه مواضيع مكملة مثل مسألة إدارة المحفوظات الوطنية والمعارف المتراكمة العامة. الإيرادات العالمية في هذا المجال تجاوزت ال 160 مليار دولار هذا العام. ومتوقع نمو هذا القطاع بحوالي 12% سنوياً في العقد القادم. صناعة البيانات ركيزة هامة في التحول الرقمي لأن البيانات الكبيرة هي اللاعب الأساس في صناعة السياسات الاقتصادية والصناعية والمالية والاجتماعية في المستقبل. ومدخولها عالي وفوري. وجاذب للاستثمار.
التحدي الثالث:
العمل على التحضير لوضع برامج ابتعاث تخصصية دقيقه للمهندسين والمبرمجين وتنفيذها. وهو موضوع مفصلي إذا كنا نتحدث عن بحث علمي تطبيقي وصناعة بيانات كبرى بما يتواكب مع متطلبات خلق مستقبل مبتكر. إضافة لإرسال عدد من الأساتذة الجامعيين الشباب – المتخصصين في البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات – للتدريب على نظم متطورة بغرض بناء الكفاءة العملية والقدرة على الاشراف – بشكل احترافي – على مشاريع بحثية تطبيقية واستراتيجية متقدمة لمواجهة التحديات المستقبلية.
التحدي الرابع:
العمل على معالجة أسعار الاستضافات والخدمات الاليكترونية لدينا التي تعتبر من الأعلى تكلفة عالمياً. هذه المسألة ربما تؤثر سلباً على وضعنا التنافسي ليس فقط في استقطاب رواد الأعمال المبتكرين في مجال التقنية المتقدمة ولكن أيضاً في جذب المستثمرين. وتجعل مهمة جذب الاستثمارات صعبة جداً.
وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات منظومة فتية ومستقبلها واعد. متوقع منها جرأة عالية في مواجهة التحديات المفصلية وبواقعية مكانة وحجم ومسئوليات المملكة. حتى تؤسس ركائز استراتيجية رقمية على قاعدة صلبة، فتستجيب لمتطلباتنا في تحقيق أهداف رؤيتنا. بمخرجات تصنع نمو عضوي اقتصادي أبعد من مجرد مكاسب سريعة. بما فيها الجلوس في الصف الأمامي في العالم الرقمي بحلول عام 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال