الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل تجد إيران في الإرهاب حلا لأزماتها الاقتصادية؟ هل يكون الإفراط في استغلال القوة وسيلة إيران في الحصول على موطئ قدم في الساحة الدولية؟
في 14 سبتمبر لعام 2019 تعرضت المملكة العربية السعودية إلى أكبر هجوم ضد بنيتها التحتية النفطية منذ حرب الخليج الأولى عام 1990مما أدى إلى تراجع إنتاج المملكة بنسبة 50% بشكل مؤقت.
وقد أدى الهجوم إلى تناقص الإنتاج النفطي العالمي اليومي بنسبة 5% تقريبا (وهو ما يعادل 5 ملايين برميل يوميا). مما سبب حدوث ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام. كما تم استهلاك الاحتياطي السعودي من النفط الخام حتى بلغ أدنى مستوى له منذ 10 سنوات.
ورغم إعلان جماعة الحوثي مسؤوليتها عن الهجوم، فقد كشفت التحقيقات الأولية أن الأسلحة التي تم استخدامها في الهجوم هي أسلحة إيرانية وفق بيان الناطق العسكري السعودي. وقد كانت الطبيعة المعقدة والمتطورة للهجوم هي من سلطت الضوء على التورط الإيراني في هذه الهجمات. وتعتبر إيران ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، وتحل في المرتبة الثانية بين مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك) من حيث حجم الإنتاج والتصدير. وقد تأثر الاقتصاد الإيراني كثيرا بسبب العقوبات واسعة النطاق التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على إيران.
إن استمرار الظروف الاقتصادية المتردية حتى المستقبل القريب قد يشكل خطرا على الحكومة الإيرانية الحالية. فالتوقعات تتزايد بشأن احتمال قيام المواطنين بالثورة على الحكومة الحالية للتخلص منها إذا لم تتحسن الأحوال الاقتصادية الراهنة سريعا. وبالمثل، فإن الحكومة الإيرانية تسعى لتصعيد الأوضاع كذلك ولكن على الصعيد الخارجي من خلال شن حرب استراتيجية واهمة بأنها بذلك توحد جموع الشعب الغاضب من الحالة الاقتصادية خلف قيادة نظام الملالي الحاكم في إيران.
ومنذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران في شهر مايو للعام 2018 بسبب تصرفات إيران العدائية، خسر الريال الإيراني ما يقرب من 60% من قيمته، وفي شهر أبريل للعام 2019 بلغ الريال الإيراني أقل سعر له أمام الدولار منذ 35 عاما، ويتوقع أن تصل معدلات التضخم إلى 60% جنبا إلى جنب مع ارتفاع معدلات البطالة. لقد مر 40 عاما على قيام الثورة الإيرانية عام 1979، وبدلا من أن يعمل نظام الملالي الحاكم على تحسين الأوضاع الاقتصادية، فإنه ومنذ قيام الثورة والأحوال الإقتصادية داخل إيران في تراجع مستمر. فقد آثر نظام الملالي الحاكم استثمار عائدات النفط في دعم الإرهاب والتوسع في تصدير الثورة على تحقيق التنمية الاقتصادية. إيران هي دولة غنية تتمتع بوفرة في الثروات الطبيعية، ولكن الحكومة الفاسدة تسببت بالأذى لمواطنيها في سبيل بقاء حكمها الاستبدادي. فعلى سبيل المثال، يفرض على أي تاجر صغير أو كبير وعلى كل مواطن ميسور الحال براتب مجزٍ تقديم الخمس من دخلهم إلى رؤوس نظام الملالي. ولا تذهب هذه التبرعات إلى الفقراء كما يشاع، بل تستخدم لتمويل أجندة ومخططات نظام الملالي الحاكم في طهران.
تمتلك إيران ما نسبته 9.3% من نفط العالم و18% من مصادر الغاز الطبيعي مما يجعلها في مصاف الدول الغنية في العالم، ولكن نظام الملالي الحاكم انتهج مسلكا مدمرا في إدارة اقتصاد البلاد، فهو يوجه قدراته المالية نحو رعاية الجماعات الإرهابية ليبدو كلاعب رئيسي في المنطقة.
وفي حقبة العولمة التي نعيشها حاليا، كان النظام الحاكم في إيران لعنة على الاقتصاد بدلا من أن يكون نعمة. فمعدلات التضخم تتزايد بسرعة جنونية، والمواطنون الأيرانيون محرومون من مظاهر الرفاه الاجتماعي حتى بلغت مرتبة إيران في هذا المضمار 108 من أصل 149 إقتصادا عالميا بالرغم من وفرة المصادر الطبيعية في إيران. ويتصدر الاقتصاد الإيراني قائمة الدول التي تقوم بعمليات غسيل الأموال تحت رعاية حكومية، ويفتقر مواطنوه إلى أبسط الحاجات الأساسية. تدل الظروف أعلاه أن على إيران أن تعيد التفكير في استراتيجيتها الحالية وتنتهج واحدة أخرى مغايرة علها تعود إلى مصاف اللاعبين الأساسيين في المنطقة. فالتعاون مع الشركاء التجاريين بدلا من مهاجمتهم هو الحاجة الملحة في الوقت الحالي، أما التصرفات العدائية فلن تكون أبدا الحل لأزمات إيران الاقتصادية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال