الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ارتباط بعض الوظائف بأحد الجنسين هو مسألة متعلقة بفهمنا نحن البشر لشخصية كل جنس والمهام التي تناسبه ويمكنه القيام بها على الوجه الأفضل. لكن ماذا عن مسألة تطويع الفكر البشري على مدى عقود ليكون بمثابة وجبة خفيفة نقدمها للآلة فتقوم هي بالبحث والتحليل لأبرز الصفات المرتبطة بالرجل والمرأة؟ أليس ذلك مثير للاهتمام؟ في محاولة للاستفادة من تعلم الآلة قام باحثون بتوفير أكثر من ثلاثة ملايين كتاب هي عصارة تجارب الكثير من المفكرين لأكثر من مائة عام، ومن ثم برمجة الحاسوب ليقوم بتحليل الصفات والسلوكيات المرتبطة بكل جنس بشري.
المشروع يبدو مفيد للباحثين وكل مهتم باستخلاص النتائج المعرفية السريعة كونه يختصر الكثير من الوقت والجهد. أما من حيث الحياد فأعتقد أنه لا زال بعيداً عن طموحاتنا لا سيما وأن تلك الكتب قد تكون كتبت في حقب وظروف اقتصادية واجتماعية متباينة. ومع ذلك فإنني لا أستبعد سرعة التطور في مجال تعلم الآلة لتسمح بتحسين النتائج حتى تكون أكثر شمولية.
خلال العقد الماضي نال كتاب “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة” شهرة واسعة مع أنه كان عبارة عن جهد شخصي لكاتب وجد في المسألة ما يستحق الدراسة. والكوكبان على قدر ما بينهما من بعد، فإن فكرة تقريب المسافة من قبل طرف ثالث محايد سيكون لها رونق خاص.
على صعيد آخر فإننا كبشر تطبعنا على النظر للأمور من أكثر من جانب، وهو ما يستلزم اللجوء للقراءة المتعمقة التي تسمح بقراءة ما يختلج في نفس الكاتب من مشاعر، وهذا أمر لا يمكن للآلة أن تساعد بنقله لنا بشكل دقيق. اللون الأبيض والأسود وحدهما لا يمكن ان يعكسا ما خلف السطور من احاسيس نستخدمها في تحقيق أعلى قدر من التفاعل العاطفي وتقريب المعلومات إلى الأذهان. ففي مؤلفات الخيال العلمي هناك تأثير كبير لمزيج من التعابير التي تحرك العقل البشري وتدفعه للتأمل.
وعندما نقوم بالقراءة فنحن نسعى لربط مجموعة من الأفكار في أذهاننا ومن ثم تحليلها. أما الآلة التي بدأت بالتفكير من حيث انتهينا نحن البشر فأجدها مؤهلة خلال فترة زمنية قياسية لتساهم بشكل لافت في وضع حلول لمشاكل قد يكون أبسطها تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين في المحاكم. كما أنك يمكن أن تبادر بتسجيل ابنك في أحد المدارس قريباً فتفاجأ بطلب من قبل إدارة المدرسة لتنتظر حتى تخرج نتيجة الفحص ويتم اختيار الصف الذي يتوافق مع شخصيته. سيناريو قد يكون فيه الكثير من الخيال لكنه ليس بمستبعد. وإذا افترضنا إمكانية تحقق ذلك على أرض الواقع، فإننا ننتظر جيل على درجة عالية من التفاعل الجميل بين أفراده. وتبقى القراءة بحد ذاتها علاج لا يمكن الاستغناء عنه بالآلة ولا بغيرها، والعقل البشري هو القادر على تشكيل هذه الآلات كيفما شاء. فلنتفق جميعا على الاستفادة من كل هذه الأدوات دون أن نسمح لها بالهيمنة على أدق التفاصيل بحياتنا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال