الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تحدث البعض من ذوي النظرة المتشائمة بشكل سلبي عن السماح لمواطني 49 دولة باستصدار تأشيرات سياحية اليكترونية. متناسيين تماماً أنه قد تم تطبيق هذا النظام – الذي أعلن عنه في 27 سبتمبر 2019 – لإيجاد قطاع سياحي منافس. وبعد دراسة مستوفية ومن ضمنها من هو السائح الذي يضيف قيمة.
تعد السياحة واحدة من أقوى أدوات تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولا يمكن تجاهل هذه الأداة القوية. السياحة تعتبر الرافد الأول لأكثر من 60 دولة. وأحد خمس قطاعات ذات مردود اقتصادي عالي في أكثر من 100 دولة أخرى.
طبيعة المملكة تهيئها أن تكون وجهة سياحية جاذبة. والمردود الاقتصادي من السياحة سيكون عالي جدا على مدار السنة، فنحن لا نتحدث فقط عن مواسم محددة بأيام او مناطق او بأجواء معينة. هناك من يتوق لزيارة الصحراء العربية في ربيعها وشتائها ومزارع المملكة المتنوعة وجبال السروات ومرتفعات عسير وشواطئ الخليج العربي الدافئة وأعماق البحر الأحمر الساحرة. هذا بالإضافة إلى الأماكن التاريخية والتي هي وجهة سياحية لم تعطى فرصة لكي يراها العالم سابقاً.
لو أخذنا السائح الصيني فقط كمثال على الاستفادة من التأشيرة السياحية، سيكون للمملكة نصيب في 135 مليون سائح صيني يصرفون ما يقارب 300 مليار دولار على السياحة الخارجية سنوياَ. نصيبنا منهم سيساهم في الحفاظ على انتعاش الاسواق كما هو الحاصل في كثير من الدول المتقدمة بسبب القوة الشرائية للسائح الصيني.
ولا ننسى أن الطلب العالي على التأشيرات السياحية لزيارة المملكة سيفتح الأبواب لجذب الاستثمارات في السياحة السعودية. وهذا سيدعم الاقتصاد الوطني ويوجد وظائف للشباب السعودي. في الهند، على سبيل المثال، من المتوقع أن يساهم قطاع السياحة بما يقارب 7% في الناتج المحلي وتوليد أكثر من 36 مليون وظيفة للشباب الهندي بحلول عام 2025.
كما أن سهولة السماح للسائح الأجنبي بزيارة المملكة له مكاسب بأبعاد استراتيجية تصب في مصلحة المملكة. أهمها هو أن هذا السائح سيكون سفيرنا وسينقل صورة حقيقية عن واقعنا الذي يحاربه الإعلام المُغرِض. خاصة فيما نتميز به من استقرار وأمن والذي أثبته تقرير التنافسية لعام 2019 عندما وضع المملكة في المرتبة الأولى على مستوى العالم في الاستقرار الاقتصادي الكلي. وهذا لا يمكن أن يكون بدون أمن يدعمه تجانس وتماسك المجتمع السعودي وحبه للحياة.
مكسب آخر هو إقامة علاقات مع المجتمعات الأخرى بشكل أفضل. تقوم السياحة بكسر الحواجز الوهمية بين المجتمعات وتشجع على تبادل وجهات النظر وفهم المواقف المتبادلة. وهذا ما حصل في المناطق التي عانت من صراعات سياسية وعسكرية ابان الحرب العالمية الثانية.
وانفتاح المملكة سياحيا لا يعني التنازل عن موروثنا الثقافي الذي نفتخر به. بل على العكس، سوف نعطي فرصة لهذا السائح أن يتعرف على ثقافتنا وأن يشاركنا فيه. وهذا بُعد استراتيجي آخر له مكاسبه فيما يخص بالتعرف على مواقفنا وقضايانا العادلة. وأيضا أخلاقنا وديننا الإسلامي الحنيف. وفي العموم يبحث السائح ذو القيمة العالية – اليوم – عن الثقافات الأصيلة، وهذا يخلق حافز قوي لحماية التراث الثقافي. لذلك، السياحة أهم عامل في الحفاظ على ثقافة المكان والمجتمع وتضمن انتقاله الى الأجيال القادمة.
ومع المحافظة على الموروث الثقافي، السياحة ستدعم المحافظة على المناطق السياحية خاصة الساحلية والريفية والصحراوية. وهذا سيساهم في رفع المستوى المعيشي لمجتمعات هذه المناطق خاصة البعيدة. وفي تطوير بنيتها التحتية وخلق فرص العمل نحو تعزيز الشمول الاجتماعي. وهكذا، ستساهم السياحة في الحد من هجرة أبناء هذه المناطق الى المدن الكبرى من اجل الوظائف او الخدمات. بل ستشجع بعض أبناء المدن الكبيرة للانتقال لهذه المناطق لوفرة الفرص وسهولة وجودة المعيشة فيها.
التأشيرات السياحية أداة هامة لبناء قطاع سياحي يساهم بقوة في تعزيز متطلبات الرؤية لتنويع مداخيل الاقتصاد الوطني. وتهيئة وطن قوي وجميل وواعد للأجيال القادمة. حتى وإن ظهرت بعض الأخطاء اثناء التطبيق، فسوف نتداركها من خلال التصحيحات الدورية لرؤيتنا. المهم هو الا نسمح لضيقي الأفق أن يشككونا في قدراتنا وألا ننظر جميعاً بموضوعية لهذا القطاع ذو القيمة المضافة التكاملية اقتصادياً واجتماعياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال