الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالرغم من التطورات الإيجابية التي حدثت في السوق المالية وقطاع الاستثمار في المملكة العربية السعودية عموما، وبالرغم من إفساح المجال أمام رأس المستثمر الأجنبي، يبقى العديد من المستثمرين في حالة ترقب للمزيد من التطورات الإيجابية التي يمكن أن تسهم في تعزيز أرباحهم واستقرار محافظهم الاستثمارية. ومن هذه التطورات على سبيل المثال لا الحصر، توفير أدوات التحوط المالي وإدراجها رسميا في السوق، تسهيل عميلة البيع على المكشوف، والسماح لرواد الاستثمار بتأسيس صناديق تحوط.
صناديق التحوط هي نوع من أنواع الصناديق الاستثمارية، ولكنها تختلف عنها في أنها تتبع استراتيجيات استثمارية ذكية تمكنها من تحقيق عائد جيد مع الإبقاء على مستوى منخفض من المخاطر، ومن المعروف أن هذا النوع من الصناديق لم يتم طرحها في السوق السعودي. تم إطلاق أول صندوق تحوط عام 1940 على يد (ألفريد وينسلو جونز)، والذي يعرف على نطاق واسع بأنه مؤسس قطاع صناديق التحوط. ففي البداية كان ألفريد مجرد مستثمر استرالي ينتهج استراتيجية تقوم على شراء أسهم معينة وبيع أخرى على المكشوف (Long – Short) لحماية (تحوط) القيمة الإجمالية للمحفظة الاستثمارية من تقلبات السوق. ومن هذه الاستراتيجية، استمدت صناديق التحوط اسمها. ومن أجل تعظيم العائدات، قام ألفريد بزيادة نسبة الاقتراض إلى أصول المحفظة الاستثمارية. ورغم أن الاستراتيجية (Long-Short) تعتبر واحدة من الاستراتيجيات الأساسية التي يستخدمها مدراء صناديق التحوط، فقد ظهرت استراتيجيات جديدة مع مرور الوقت مثل استراتيجية الحياد السوقي التي تهدف إلى تحقيق الأرباح مع تجنب مخاطر تقلبات السوق بصورة مطلقة، واستراتيجية الاقتصاد الكلي التي تعمل على تحقيق الأرباح من التغيرات الاقتصادية والسياسية في دول محددة وغيرها من الاستراتيجيات التي تقوم على تعظيم الأرباح وتقليل المخاطر.
في الوقت الحالي، يتم تعريف صناديق التحوط من خلال أنواع الأصول التي تشكل المحفظة الاستثمارية أكثر مما يتم تعريفها من خلال أساليب واستراتيجيات التحوط السالفة الذكر. وبعكس المدراء التقليديين للصناديق الاستثمارية العادية، فإن مدراء صناديق التحوط يتمتعون بقدر أكبر من المرونة حين يتعلق الأمر بالاقتراض و البيع على المكشوف.
خلال القرن الماضي، سجلت صناديق التحوط أعلى مستويات العوائد بالمقارنة مع كافة أصناف الأصول باستثناء الأصول العقارية. وجنبا إلى جنب مع السندات، كانت صناديق التحوط هي الصناديق الأعلى من حيث العائد مقارنةً بالمخاطر (Sharpe Ratio).
وعند إضافة صناديق التحوط إلى أصول المحفظة الاستثمارية، فإنها تشكل تنوعا مربحا وعاملا منوعا ومخفضا للمخاطر نظرا لارتباطها الكمي الضئيل بمؤشرات الأسواق المالية الكبرى وبالتالي فإن تأثرها بتقلبات هذه الأسواق يكون في أضيق الحدود.
استنادا إلى تجربتي مع هيئة السوق المالية، فإنني أشعر بأنها تنتهج سياسة متحفظة جداً وتسعى دوماً لحماية المستثمرين بشكل مبالغ فيه . فحتى لو سمحت لمدراء الاستثمار من ذوي الخبرة بإنشاء صناديق التحوط، فإنها ستقيدهم بسلاسل ثقيلة من الأنظمة والتعليمات.
ومن أجل تحقيق أعلى مستويات الحماية للمستثمرين، أتوقع ان تقوم هيئة السوق المالية بإلزام مدراء صناديق التحوط بأعلى مستويات الإفصاح والشفافية، ولكن هذه المستويات العالية من الإفصاح والشفافية لا تنسجم مع طبيعة قطاع صناديق التحوط الذي تشتد فيه حمى المنافسة بين مدراء الاستثمار، حيث يسعى كل واحد منهم إلى العمل بأكبر قدر ممكن من السرية لمنع المدراء الآخرين من معرفة معلومات عن مركزه المالي واستراتيجياته المتبعة.
وباستثناء الصناديق السيادية و صناديق التقاعد، وبعض المكاتب العائلية التي تقدر ثرواتها بالمليارات، فإن معظم المستثمرين وبالخصوص المستثمرين الافراد يفتقرون إلى الخبرة والأدوات اللازمة لاختيار و دراسة الصناديق التي تتلائم مع أهدافهم الاستثمارية، ولا يدرك معظمهم أهمية ودور صناديق التحوط. لذلك فقد يقع الكثيرون منهم في فخ اختيار الاستثمار الخاطئ والتعرض للخسائر بدلا من تحقيق الأرباح.
تعتبر صناديق التحوط مصدرا هاما للسيولة مما يجعل لها تأثيرا على إجراءات حوكمة المؤسسات من خلال لعب دور حاسم في عمليات الاستحواذ على المؤسسات أو إعادة هيكلتها. أما النظر إلى صناديق التحوط باعتبارها أحد أصول المحفظة الاستثمارية، فهو يعني أن هذه الصناديق تلعب دورا أساسيا في تنويع وتخفيف المخاطر المرتبطة بأصول المحفظة الاستثمارية مع رفع مستوى عائداتها. أتمنى أن يشهد قطاع صناديق التحوط نموا ملموسا في السوق المحلي السعودي ليستفيد المستثمرون من الاستراتيجيات المبتكرة لهذا القطاع المظلوم الذي يعاني من قلة وعي ومعرفة المستثمرين بإمكانياته ومنافعه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال