الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كانت بداية ظهور الحوكمة في القرن التاسع عشر وذلك على ضوء نشوء وحدات اقتصادية مساهمة عامة وما تبعها من بروز المشاكل التي ترافقت مع فصل الملكية عن الإدارة وهو المفهوم الذي أصبح يعرف لاحقاً بمشكلة الوكالة “Agency Theory”, وعليها كان لابد من إيجاد ضوابط وترتيبات تلزم إدارات المؤسسات بالعمل على تحقيق مصالح المساهمين, واستمر هذا المفهوم بالتطور مع التطورات في مجال الإعمال.
ومؤخراً ظهر مصطلح الحوكمة بشكل كبيرا وخلال السنوات تأثر بحدثين هامين على المستوى الاقتصادي, الحدث الأول كان الأزمة المالية في دول جنوب شرق آسيا في العام 1997 , أما الحدث الثاني فكان حالات الانهيار والإفلاس الكبيرة التي وقعت في الولايات المتحدة والتي برزت فيها بشكل أساسي انهيار كل من شركة أنرون “Enron Corporation” وشركة الاتصالات العملاقة وورلد كوم ” WorldCom [MCI Inc.]”, وما رافق هذه الانهيارات من فضائح أدت إلى تصفية مؤسسات عريقة مثل شركة آرثر أندرسون “شركة محاسبية” Arthur Anderson، حيث أثرتا بشكل عميق على ثقة المستثمرين في الأسواق المالية سواء في الدول النامية أو المتقدمة على حد سواء, وكشفت عن جوانب قصور كبيرة في نزاهة الإدارات.
ساهمت تلك الازمات في تفعيل دور الإفصاح الكامل والشامل عن البيانات المالية للمؤسسات والوحدات الاقتصادية والمصارف بشكل خاص, وذلك لمساعدة المستثمرين على استعادة الثقة بالمؤسسات بشكل عام والمصارف بشكل خاص ورفع الكفاءة والمصداقية بين الأطراف المعنية ، ومن هنا نحول طرح الاسئلة التالية ما هي حوكمة المصارف وعلاقتها بالمساهمين؟ وما هي أهمية الحوكمة المصرفية ومبادئها؟
إن للجهاز المصرفي دوراً كبيراً في اقتصاد أي دولة بحيث انها تعد من المؤسسات الرئيسية والحيوية والاساسية للتنمية، وبالرغم من أهمية حوكمة المصارف لم يتفق الاقتصاديون والمحليين و القانونيين والأكاديميين على مفهوم واحد لحوكمة المصارف فقد تعرف الحوكمة في الجهاز المصرفي بأنها مراقبة الأداء من قبل مجلس الإدارة والإدارة العليا للبنك وحماية حقوق المساهمين والمودعين، بالإضافة الى الاهتمام بعلاقة هؤلاء بالأطراف الخارجية، والتي تتحدد من خلال الإطار التنظيمي وسلطات البيئة الرقابية، و تنطبق الحوكمة في الجهاز المصرفي على البنوك العامة والخاصة والمشتركة ، وجميع التعاريف المتفق عليها في المراجع والكتب اتفقت على ان الحوكمة المصرفية هي الطريقة التي تدار بها المصارف وذلك من خلال مجالس الادارة والادارة العليا في البنك وذلك عن طريق عمليات المراقبة في البنك لتحقيق أهدافها وغاياتها.
بما ان حوكمة المصارف هي الطريقة التي تدار بها المصارف فان ذلك يشدد على اهميتها الكبيرة في المصارف مقارنة بالمؤسسات الاخرى وذلك نسبة لطبيعتها الخاصة حيث ان تعثر المصرف أو إفلاسه لا يؤثر فقط على الأطراف ذوي العلاقة من عملاء ومودعين ومقترضين ولكن أيضا يؤثر على المصارف الاخرى واستقرارها وذلك تبعا للعلاقات التي بين المصارف وبعضها، ام حوكمة المصارف تحقق العديد من المزايا بالنسبة لأداء المصارف واستقرارها المالي والاقتصادي ، لذا فان اهمية حوكمة المصارف تكون في : ان الحوكمة المصرفية نظام يتم بموجبه توجيه ورقابة العمليات التشغيلية للمصارف، وان الحوكمة الجيدة عنصراً رئيسياً في تحسين الكفاءة في حين يعطي النتائج العكسية سوء الحوكمة ، وخاصة في المصارف، وكذلك تحقيق الشفافية والدقة والوضوح والنزاهة في القوائم المالية مما يزيد من اعتماد المستثمرين عليها في اتخاذ القرار، وايضا رفع مستوى الأداء المصرفي ومن ثم التقدم والنمو الاقتصادي والتنمية الدولية، وتجنب انزلاق المصارف في مشاكل مالية ومحاسبية بما يعمل على تدعيم واستقرار نشاط المصارف العاملة بالاقتصاد ومنع حدوث الانهيارات بالأجهزة المصرفية، واخيراً الحصول على مجلس ادارة قوي يستطيع اختيار مديرين مؤهلين قادرين على تحقيق وتنفيذ انشطة المصارف في اطار القوانين واللوائح الحاكمة بطريقة اخلاقية.
ومما سبق نرى ان للحوكمة في المصارف دوراً مهماً ورئيساً في عملية ادارته حيث ان تطبيقها بالشكل السليم يساهم في تحديد وفصل كلا من الملكية والادارة والرقابة على الاداء وتحديد مسؤوليات ومهام كلا منهم، وكذلك تحسين الاداء المصرفي ولذلك لتحسين كفاءة المصارف ومنعها من التعرض لحالات الغش والتعثر المالي، لذا يجب ان يكون هنالك اهتمام كبير من قبل الادارات العليا والاطراف المسؤولة في المصارف بتطبيق الحوكمة بمفهومها الشاملة وتطبيق مبادئها للمساهمة في تحقيق اهداف وغايات المصارف.
حيث ان رؤية 2030 تعزز من دور الحوكمة من خلال برامج تطوير القطاع المالي وهذه البرامج تعزز من المصداقية والشفافية في القطاع المصرفي والسوق السعودي مما يعطي المستثمر والمساهم الثقة الكاملة في هذه القطاعات. وركزت الرؤية على الاستقرار المالي في القطاع المصرفي حيث أن الاستقرار المالي من أهم العوامل لدى المصارف لتحقيق التوازن بين النمو والاستقرار سواء على المدى البعيد او المدى المتوسط.
رؤية 2030 تسير في الطريق الصحيح لتعزيز مكانه القطاع المالي السعودي ومن ضمنها القطاع المصرفي وأيضا تعزيز مفهوم الحوكمة لتجنب أي مؤشرات سلبية أو أزمات مالية في السوق المالي خلال المستقبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال