الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وبعد طول انتظار تمت موافقة مجلس الوزراء على نظام الامتياز التجاري الأسابيع الماضية، على أن يكون نافذاً ابتداءً من ٨/٤/٢٠٢٠م. جاء النظام في ٢٧ مادة تحدثت في مجملها عن شروط منح الامتياز، القيد والافصاح، التزامات أطراف الاتفاقية، الحد الأدنى للبيانات الواجب تضمينها في الاتفاقية، التنازل عن الاتفاقية للغير، تجديد الاتفاقية، إنهاؤها أو انقضاؤها، وأخيراً التعويضات. أهم ما يميز النظام هو قيد اتفاقية الامتياز التجاري ووثيقة الإفصاح لدى وزارة التجارة، بالإضافة إلى اشتراط أن يكون محل الامتياز ممارس ومجرب مدة سنة على الأقل قبل أن يتمكن المانح من منح امتيازه للغير. كذلك تحدث النظام عن مدة عدم سماع الدعوى (التقادم) لدعاو ى التعويض الناشئة عن الاخلال بأحكام النظام وحددها بثلاث سنوات إن كانت الدعوى متعلقة بأسباب الإنهاء المشروعة المحددة في المادة الثامنة عشر، وفيما يخص الدعاوى الناشئة عن الإخلال بالالتزامات المحددة في النظام أو المتفق عليها بين الأطراف في اتفاقية الفرنشايز فتحددت مدة التقادم بسنة واحدة من تاريخ العلم بالإخلال أو ثلاث سنوات بعد تاريخ وقوع الاخلال أيهما أسبق. إضافةً إلى أن النظام تحدث عن العقوبة الواردة لمخالفة أحكامه وحددها بغرامة لا تزيد عن ٥٠٠ ألف ريال سعودي. أخيراً أشار النظام لتكوين لجنة مختصة من قبل وزير التجارة سيوكل لها مهام النظر في مخالفات أحكامه وكامل الاختصاصات التي سيتم تحديدها لاحقاً بموجب اللائحة التنفيذية.
بالرغم من الطبيعة الخاصة لعقد الامتياز التجاري إلا أنه تنظيمياً كان يسري على هذه العقود نظام الوكالات التجارية ولائحته التنفيذيه، بموجب القرار الوزاري رقم (1012) وتاريخ 17/9/1412هـ، ويخضع لذات الشروط والاجراءات لتسجيل وكالة العقود التجارية. فلو تحدثنا عن تاريخ وجود عقود الفرنشايز في السعودية نرى أنها موجودة منذ السبعينيات فهي ليست بالحديثة نسبياً. حيث ظهرت بداياتها على سبيل المثال مع من شركة بن زقر وكانت من أوائل الشركات المانحة للامتياز التجاري خارج السعودية. كذلك شركة الطازج التابعة لفقيه والتي قامت بتصدير اسمها التجاري وعلامتها للخارج عن طريق عقود الفرنشايز حتى وصلت إلى أمريكا وإندونيسيا. وهي نماذج تجارية نفخر بها لأنها كانت اللبنة الأساسية لوجود ونشأة هذا النوع من العقود لدينا.
قد يتشابه عقد الامتياز التجاري مع بعض العقود التجارية كعقود التوزيع أو وكالة العقود والتي يلتبس على الكثيرين التمييز فيما بين هذه العقود. إلا أن عقود الفرنشايز الأساس فيها هو الاسم التجاري والعلامة التجارية للمنتج أو الخدمة محل العقد. بعبارة أخرى حقوق الملكية الفكرية أو الصناعية المرتبطة بالخدمة أو المنتج محل العقد.
قد يتساءل البعض ما لأهمية من تمييز العقود عن بعضها أو تسميتها؟ قانونياً تكييف العقد مهم جداً في معرفة القانون واجب التطبيق، وبالتالي الجهة المختصة بتطبيق وتفسير أحكامه بشكل عام. كذلك أهميته تكمن في أن يكون أطراف العقد على بينة بالالتزامات والحقوق المترتبة عنه، والمسؤوليات التي يفرضها النظام على كل عقد. لذلك استدعت الحاجة والضرورة إلى وجود تنظيم خاص بعقود الامتياز التجاري يحكم ويوضح الأطر العامة لتنظيم هذا العقد فيما بين أطراف العملية التعاقديّة المتمثلين في صاحب الامتياز التجاري (المانح) Franchisor وهو صاحب العلامة التجارية والاسم التجاري، وبين الممنوح له الامتياز Franchise.
من أهم المزايا التي يقوم عليها عقد الامتياز التجاري هو وجود نظام مجرب لسنوات وخطة عمل وخطة تدريب وتأهيل جاهزة يقدمها مانح الامتياز للممنوح له بموجب عقد الفرنشايز المبرم بينهم. بالتالي يعمل الممنوح له الامتياز بعلامة تجارية واسم تجاري مما يرتب أن تكون نسبة نجاح هذا المشروع أعلى من أن يقوم الشخص بتأسيس مشروع جديد من الصفر، والتي تكون أرباحه في الأخيرة قليلة جداً وقد لا تحقق أي أرباح في أول خمس أو ثلاث سنوات لهذا المشروع. بعبارة أخرى درجة المخاطرة أقل في الامتياز التجاري عنه في مشروع جديد، والأرباح أعلى في حال تم دراسة العلامة التجارية والفئة المستهدفة منها بشكل جيد. ولكن من المهم التوضيح هنا أن المقابل المالي أو مايعرف Royalty Fee عادة يكون كبير وضخم ويعتمد على حجم وسمعة صاحب العلامة التجارية وحدود الحصرية في عقد الفرنشايز، وهذه أيضاً فائدة عظيمة تعود على مانح الامتياز التجاري مقابل استغلال علامته التجارية في منطقة أخرى.
دور وزارة التجارة ومبادرة منشآت يذكر فيشكر في هذا الشأن، فتشجيع وتنشيط وجود الامتيازات التجارية في السعودية عمل مهم ومسؤولية مشتركة تقع على العديد من الجهات ذات العلاقة. ففي ظل الحركة التي نشهدها في السوق السعودي حالياً والزخم الكبير لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي نجدهم تحديداً في مجال تقديم القهوة المختصة بكثرة على سبيل المثال، يمكن الاستفادة منه بتشجيعهم على منح امتيازات تجارية خارج السعودية في دول الخليج مثلاً. مثل هذا النوع من الأنشطة حالياً من الأفضل توجيهه في الاتجاه الصحيح، فبدلاً من أن يتم فتح فرع بالتزامات ومصاريف أكثر، من إيجار مكان، عمال، اشتراطات لعدد من الجهات، خدمات من كهرباء وماء وغيرها، الأفضل لصاحب العلامة التجارية أن يقوم بتصدير اسمه وعلامته التجارية لمناطق أخرى. بحيث تمكنهم عقود الامتياز من توسيع نشاطهم وسمعتهم وانتشارهم في مناطق أخرى، إلى جانب العائد المالي الثابت الذي سيعود لهم كنتيجة لاستخدام العلامة التجارية من الممنوح له الامتياز طوال مدة العقد. والأهم من ذلك أن بوابة عقود الفرنشايز تساهم في توسيع وانتشار المنتج والعلامة التجارية السعودية ورفع مستوى جودة المنتج والخدمة لصاحب العلامة التجارية.
أخيراً، من أهم النصائح التي يجب أن أذكرها في هذا الشأن والتي يجب مراعاتها عند الدخول في عقد امتياز تجاري تجنباً لأي نزاع مستقبلاً هو توضيح التزامات الطرفين تحديداً واضحاً. كذلك المقابل المالي Royalty Fee والاتفاق على طريقة دفعه إن كانت شهرية أو سنوية في شكل نسبة من الأرباح أو المبيعات أو مبلغ ثابت. أيضاً من المهم تحديد المنطقة الجغرافية تحديداً دقيقاً والتي سيعمل فيها الممنوح له الامتياز، على أن يكون هو صاحب الامتياز الحصري لتشغيل هذه العلامة أو الاسم التجاري في منطقة محددة حتى يتمكن من تحقيق الأرباح المتوقعة منه وتغطية المقابل المالي لعقد الامتياز. أخيراً، تحديد الجهة القضائية المختصة للفصل في أي نزاع والتي قد تكون إما عن طريق القضاء -اللجنة المختصة بموجب النظام الجديد-، أو أن يكون باستخدام أحد الطرق البديلة ADR كالتحكيم أو الوساطة أو التوفيق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال