الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خرجت علينا قبل أيام مجلة “الطبيعة ”Nature ذات الصيت المرموق دولياً في مجال أبحاث العلوم بمؤشرها العالمي للجامعات الشابة “Young Universities Index” والذي يشمل أفضل 100 جامعة أنشئت خلال الخمسين عام الماضية والتي تتميز بناتج بحثي عالمي المستوى. إضافة الى تميز هذه الجامعات برؤية استراتيجية أثبتت نجاحها في استقطاب المواهب والكفاءات العلمية البارزة. وقيام هذه الجامعات بتوسيع شبكة شراكاتها وتعاونها مع القوى الفعّالة والمؤثرة سوآءا محلياً أو خارجياً.
التقرير أشاد بجودة المخرجات البحثية لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست). واعتبر التقرير هذه الجامعة بمثابة الجهة الأكاديمية التي قدمت مخرجات بحثية تطبيقية متميزة والأغزر على مستوى جامعات المملكة والمنطقة. مما جعلها تصنف في المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وفي المركز السادس ضمن المائة جامعة المصنفة عالمياً. وهذه شهادة تُضاف لشهادات الإنجازات السعودية تحت مظلة رؤية المملكة 2030.
والسؤال المطروح هنا: كيف لجامعة فتية وفي وقت قصير أن تتبوأ مثل هذه المكانة دولياً؟
توجد عدة عوامل تساعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أن تصل الى ما وصلت اليه في وقت قياسي.
أولاً:
الجامعة خارج نطاق البيروقراطية المركزية القديمة في إدارة شئونها ونشاطها البحثي. بوصف أدق، هي جامعة مستقلة. مما سمح لها أن تبني بيئتها المنفتحة – حسب المقاييس العالمية – والذي يسمح للبحث العلمي بالانطلاق. كما أن هذه الاستقلالية أعطتها حرية بناء مجتمعها الداخلي القائم على تنوع المرجعيات الثقافية والحضارية لمنسوبيها سوآءا أكاديميين أو فنيين أو إداريين أو طلاب.
ثانياً:
التقرير أظهر نسبة التعاون البحثي لجامعة الملك عبد الله والذي وصل الى %98 مع الشركاء الدوليين وبنسبة %2 كشراكات بحثية داخل المملكة. تصدّرت أرامكو السعودية – كعادتها – قائمة الشركاء المتعاونين في المجالات البحثية داخل المملكة بينما تصدّرت الأكاديمية الصينية للعلوم قائمة الشركاء الدوليين. مثل هذه الشراكات المتنوعة خاصة مع القطاع الخاص والقطاع البحثي يساهم في تحقيق التنمية في ظل التحديات البيئية وإثراء المعرفة نحو تحسين الإنتاج بما يتطلبه السوق.
ثالثاً:
الدعم السخي لهذه الجامعة كان عامل أساس في نجاحها. لا يمكن لأي جامعة أن تُبدِع في البحث العلمي وهي رهينة الاعتمادات المالية المحدودة والتي تتعامل مع الأبحاث كبنود تكاليف وليس فرص استثمارية. وأن يعامل الباحث كموظف وليس عالِم. جامعة الملك عبد الله لم تعاني من هذه المُعضِلة لأن أرامكو السعودية هي من تدعمها. والعقلية في هذه الشركة العملاقة تنظر دائماً للتعليم والبحث العلمي كاستثمارات وليس كتكاليف. وهذا ربما يفسر ما ذكرته المجلة في تقريرها بأن دول عديدة أسست جامعات جديدة ولكن معظمها لم يتمكن من تحويل هذه الجامعات أو بضع منها إلى أفضل 100 على مستوى العالم.
لذلك، ليس بغريب أن تذكر المجلة أن “كاوست” قد ساهمت بنسبة أكبر بكثير من إجمالي مخرجات الجامعات الأخرى في أي بلد آخر. جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية مثال للدور الجديد للجامعات الشابة والفتية ذات نموذج عمل مختلف تماماً. اقتصاد الغد يحتاج هذه النوعيات من الجامعات لما تتحلى به من استقلالية وتحرر من البيروقراطية القديمة. مما يجعلها تنتهج الفكر الريادي والغير نمطي في بيئة بحث علمي منفتحة، مُنتِجة ومُنافِسة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال