الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في القرن التاسع عشر ذُهل العالم الإقتصادي شومبيتر من اختراع السكة الحديدية وقال : إن اختراع السكك الحديدية نوعاً من التنمية الانفجارية وعليه فقد ربط حينها المتغيرات الاختراعية الجديدة المبتكرة بزيادة الاستثمارات لأنها تأتي بمشاريع افضل واوسع اذا ما تم ربطها بالمنظم الناجح والذي يعتبر سلعة نادرة في المجتمع مما دعا الى إبراز مفهوم وتحديد دور المنظم (Entrepreneur)، وأهمية ابتكاراته سعياً لتحقيق الربح وتجميع عوامل الإنتاج وتشغيلها إضافة إلى توزيع الفوائض الإقتصادية المتحققة لخدمة النمو الإقتصادي المطرد.
كان ذلك بمثابة الخط الإقتصادي الأول لبدء اقتصاد جديد في العالم يعتمد على الابتكار والابداع ثم ما لبث الأمر ان تطورت ادبيات الفكر الإقتصادي على نحو من المرتكزات الجديدة التي انطلقت فيما بعد تحت ما يسمى الاقتصاد الرقمي Digital economy وصولاً الى مراجعات جديدة لعل من ابرزها الدعوة التي تبناها الدكتور شيمال ماجومدر الى ضرورة التحول في أساليب ومناهج التعليم نحو اقتصاد المعرفة .
الاقتصاد الرقمي اليوم بات مرتبطاً بحياتنا وانشطتنا الاقتصادية المختلفة يسهم في تطورنا ويعزز من قدراتنا نحو الأفضل ومع تسارع منظومة التقنية العالمية اليوم نجد في المقابل ارتباط وانتشار تكنولوجيات الإنتاج المرتبط بالإنتاج الصناعي عطفا على احراز قفزات هائلة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وانترنت الأشياء وتسريع وتيرة الابتكار وزيادة مكونات فرص القيمة المضافة في الصناعات التحويلية واكتشاف المزيد نحو مستقبل التصنيع في إطار النقلة التكنولوجية النوعية الراهنة من جهة ومن جهة أخرى توظيف هذه المعطيات كعوائد اقتصادية وتنمية مستدامة والمشاركة بزيادة الأداء في سلاسل القيمة العالمية واعتماد التكنولوجيات الجديدة التي تزيد من نمو رؤوس الأموال وتحسين البيئة والتنافسية والعمليات اللوجستية وأيضا الإضافة التي تمثلها جودة حياة الانسان ورفاهيته.
وفي تقرير تقني اعلامي حديث نُشر مؤخرا عن تقنية ايزر Ai. وهي تقنية تعمل على تمكين وتشغيل هيئة افتراضية لأي شخص يمكن أن يتحدث بأي مترجماً لأي لغة وبنفس نفس نبرة الصوت والتعابير، وهذا يؤشر الى اننا على اعتاب تقنيات جديدة ومتسارعة لمشروعات المستقبل المتطور تقنياً .
لقد استجابت المملكة لهذه المتغيرات الجديدة والتحولات المتسارعة عندما اكدت ذلك ضمن مستهدفات رؤيتها 2030 وتفاعلت بالتالي وتيرة هذا المحتوى على نحو فاعل ومضطرد عكسته النتائج الفعلية على ارض الواقع ومن ذلك المخرجات لتقنية المتطورة التي ستوفرها نيوم والقدية وغيرها إضافة الى تأسيس وتشغيل قطاع الثورة الصناعية الرابعة – مراكز القدرات – و خمسة مراكز أخرى تم إعدادها في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والذي يُوسّع حاليًا أنشطته وقدراته لتلبية الأهداف والغايات التي تنشدها إستراتيجية الثورة الصناعية الرابعة وكذلك برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
المملكة اليوم تعد ثاني أكبر دولة في مجموعة العشرين بعد اليابان في نمو الإقتصاد الرقمي ، كما تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في مجال تطبيق الجيل الخامس، وهو ما سيمهد الطريق لمواصلة التربع على قائمة الدول الأقوى في الإقتصاد الرقمي وتوجت هذه الجهود مؤخرا بتوقيع اتفاقية بين المملكة والمنتدى الإقتصادي العالمي، لإنشاء فرع لمركز الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى الإقتصادي العالمي في المملكة، والذي يعد الخامس على مستوى العالم مما سيحقق نجاحات في عدد من المجالات، أهمها الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء، والروبوتات، والمدن الذكية، وتشكيل مستقبل وحوكمة التقنية وسياسة البيانات، والتنقل الذاتي، والطائرات من دون طيار، ومستقبل المجال الجوي وإعداد الكفاءات، ورفع مستوى القدرات، وبناء مواهب متقدمة في المجالات ذات العلاقة بالثورة الصناعية الرابعة إضافة الى ما حققه الأسبوع الماضي حصول الفريق السعودي على المركز السابع في الفئة المتقدمة على مستوى العالم في الأولمبياد العالمي للروبوت «WRO» في المجر بمشاركة 74 دولة، وتنافس أكثر من 423 فريقاً.
لقد أكدت «أماندا روسو» رئيسة تطوير المحتوى الإعلامي في المنتدى الإقتصادي العالمي، بأن المملكة تركز جهودها على التقنيات الناشئة، وكشفت أن الحكومات والشركات حول العالم بدأت تضخ أموالاً طائلةً في هذه التقنيات، وذلك لتعزيز نموها الإقتصادي والاجتماعي، وتوقعت «أماندا» أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 400 مليار دولار مضافة إلى اقتصاداتها، على مدى السنوات الـ15 المقبلة إذا تم تبني حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي. وذهبت «أماندا» إلى أبعد من ذلك، عندما توقعت بأن يضيف الاستثمار في الذكاء الاصطناعي داخل السعودية 12.4 % إلى ناتجها المحلي .
وفي المقابل نجد إضافة الى ما سبق من قفزات نوعية ما تحقق على اليوم على ارض الواقع بإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن النسبة العالية في استخدام الهواتف المحمولة، وتعزيز خدمات الإنترنت، والعمل الدؤوب على تفعيل الاستثمار و توظيف المهارات وتطوير أساليب الإنتاج بالتكنولوجيا الرقمية .
مجمل القول : الاقتصاد الرقمي هو الاقتصاد المعتمد أساسا على تكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا المعلومات تعني كل مرحلة من مراحل تصنيع المعلومة ابتداء من الثقافة والتدريب والتدريس مرورا بصناعة اجزاء ومكونات الكمبيوتر المادية انتهاء بصناعة برامج الكمبيوتر او التي تعتمد على الكمبيوتر بشكل أو آخر.
العالم اليوم يتشكل بعنصر جديد مضافاً الى عناصر الإنتاج الثلاثة وهو تقنية البيانات وما يصاحبها من مكونات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والجيل الخامس وكلها تؤشر الى أهميتها وتعزيز قدراتها في أساليب التعليم والأداء النشاطي في مختلف الاتجاهات وفي ذات الاتجاه بات الاستثمار في الانسان والتقنية وجهان لعملة واحدة بيد ان هذه المنظومة تتطلب أيضا ان يقوم القطاع الخاص بدوره الفاعل وتحفيزه لخلق كيانات تقنية استثمارية أوسع.
صُنفت المملكة من البلدان المنخرطة بفعالية في تكنولوجيات الإنتاج الرقمي المتقدمة وهي بذلك تسير على خطى ثابتة ومدروسة ومؤشرات التقدم الذي أحرزته هو بمثابة حافز كبير للمضي قدما بكافة القطاعات في ظل نجاح التجارة الالكترونية نحو سوق جديدة تخلق من الواقع الافتراضي ابعادا حراكية تعزز من نمو هذا القطاع الحيوي الهام وتواكب في ذات الاتجاه عصر الابداع والابتكار Innovation and Creativity وتعزيز لهذا الدور تشهد المملكة خلال هذا الأسبوع ثلاث منتديات تقنية هامة هي : منتدي التقنيات الناشئة ومنتدى الموارد البشرية والتقنيات ومنتدي مسك العالمي لتفعيل المزيد من المخرجات والأطر الأكثر اتساعاً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال