الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعيش الكثير من رواد الصناعة الابتكارية لدينا أرق تحقيق أحلامهم للانطلاق نحو الأسواق العالمية للمنافسة ولإثبات الذات وتحقيق الثروة. ومن ثم اضافة قيمة للاقتصاد الوطني. من الممكن ان يتحقّق هذا الحلم خاصة أن روّاد الصناعة السعوديين لديهم الشغف والقدرة – من حيث المبدأ – على العمل الابتكاري والمنافسة في المنتج والخدمة.
ولكن كثير من هؤلاء الرواد يخشى خطر طحن المنافسين والعملاء لعظامهم بمجرد دخول أي من الأسواق العالمية الكبيرة. ويعتقدون أن تحركهم في هذا الاتجاه يحتاج أن يكون تحت مظلة جهة ما تدعمهم من خلال خطط نوعية واستراتيجية لدخول هذه الأسواق.
فهم يحتاجون – على سبيل المثال – الى قبة فولاذية تحميهم وتدافع عن مصالحهم. وأيضاً، برامج متخصصة تبني فيهم بوصلة اقتناص الفرص التجارية، وتمكينهم من الوصول الى المعرفة اللازمة بمتطلبات الأسواق العالمية. وفتح الأبواب أمامهم للوصول إلى التقنيات التي تؤهلهم للدخول والمنافسة في مثل هذه الأسواق.
غياب هذه الأدوات الهامة يجعلنا نتساءل: هل على روّاد الصناعة المبتكرين أن ينتظروا حتى تجهز هذه الأدوات وتكون متاحة لهم، أو يلغوا فكرة دخول الأسواق العالمية؟
الإجابة بالطبع ألا ينتظروا، وفي نفس الوقت ألا يقتلوا الحلم. فلا الريادي الحقيقي ولا رؤيتنا لديهم متسع من الوقت للانتظار، وهم أيضا لا يقبلان الهزيمة والتنازل عن الحلم.
لدخول أسواق جديدة جغرافياً، على روّاد الصناعة أن يعوا ثلاث أمور هامة في هذا الخصوص:
أولاً:
روّاد الصناعة عليهم أن يتقبلوا ويتعايشوا مع الوضع الحالي بأنه لا توجد خطط ولا أدوات تساعدهم ولكن عليهم شرائها. هم رؤوس هرم منظوماتهم. ونجاحها – بتوفيق الله – مسئوليتهم هم فقط. وعليه فلا بد أن يعملوا على بناء الدراية بصناعتهم وفرصها أمام متطلبات الأسواق الجديدة لها. هذا يتطلب بالضرورة أن يبحثوا عن المرشدين أو المستشارين المحترفين الذين سيساعدونهم – من خلال معرفتهم الثرية واتصالاتهم – للوصول الى تعريف قدراتهم الريادية وصناعاتهم التي تناسب الأسواق الجديدة ومن ثم التحرك على أسس مهنية. ويساعدوهم في التعرف على الثقافات الأخرى وتوسيع علاقاتهم في الأسواق المحتمل دخولها.
ثانياً:
روّاد الصناعة عليهم أن يُحدّدوا بأي الأسواق يبدأوا. فمثلاً من بين كل الأسواق العالمية، تعتبر إفريقيا السوق المناسب جدا للابتداء بها. خاصة لقربها من المملكة. هذه القارة السمراء الجميلة سوق جديد وفي بداياته ومستقبله كبير جداً وواعد. إفريقيا تحتاج للكثير نحو التطور كما تتطلع له. خاصة مع ارتفاع نسبة الشباب والنمو المتسارع للطبقة المتوسطة فيها التي لها الكثير من المتطلبات في المجالات الحيوية مثل الصحة والخدمات المالية والإنتاج الزراعي والحيواني، والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية. مازالت الأسواق الافريقية بكر وبحاجة للكثير من المنتجات والخدمات.
ثالثاً:
روّاد الصناعة عليهم أن يحددوا المنتجات والخدمات التي تتطلبها هذه الأسواق ليبنوا قيمتهم التنافسية. ومن ثم الانطلاق لأسواق جديدة. هنا، على روادنا الصناعيين أن ينهجوا نمط غير تقليدي في انتاج وتقديم المنتجات والخدمات التي تحتاجها افريقيا. وذلك من خلال ما يسمى بالابتكار الصناعي العكسي (Glocalization).
لفهم هذا المسلك، نأخذ شركة “جنرال الكتريك” كمثال. هذه الشركة تبتكر وتنتج لتلبية متطلبات السوق الأمريكي وأيضا الأسواق العالمية الغنية. ولكن في الأسواق الناشئة، وجدت نفسها لا تستطيع أن تسوق سلعها. اما لارتفاع سعرها أو غير مناسبتها للاحتياج المحلي في هذه البلدان. لحل المشكلة، أنتجت ما يناسب هذه الأسواق كبديل مقلد لمنتجاتها الأصلية إما باختلافات ثانوية أو جوهرية. بعد النجاح في تلبية متطلبات هذه الأسواق الجديدة الناشئة، وجدت لهذه المنتجات البديلة مستهلكها في السوق المحلي الأمريكي والأسواق العالمية الغنية.
وكمثال حي في الصناعات الطبية. في بداية تحرك الصين نحو الانفتاح والتطور، ونظرًا لعدم قدرة العيادات الريفية الصينية ذات التمويل الضعيف على شراء أجهزة الموجات فوق الصوتية المتطورة لشركة “جنرال الكتريك”، قام فريق من الشركة ببناء أنظمة الموجات فوق الصوتية الرخيصة والمحملة على جهاز حاسب آلي محمول ومزود بأجهزة طرفية خاصة. حققت “جنرال الكتريك” نجاح باهر في السوق الصيني الناشئ لمنتجاتها ذاك الوقت.
وأيضاً، حققت نموًاً سريعاً في توسعها الصناعي الطبي من خلال تلبية احتياجات أسواق جديدة وتقديم تطبيقات رائدة ومنافسة للحالات التي تكون فيها قابلية الحمل مهمة. ومنذ ذلك الحين، قامت الشركة بإنتاج أكثر من اثنتي عشرة حزمة منتجات لدخول الأسواق النامية ومن ثم تقديم هذه المنتجات المشتقة في أسواق العالم المتقدم.
روّاد الصناعة عليهم الا ينتظروا أو يتوقعوا برامج وخطط تدعمهم من أي جهة للانطلاق العالمي ولكن يصنعوا بأنفسهم هذه الخطط بمساعدة المرشدين والاستشاريين المحترفين. أمام روّاد الصناعة فرصة تبني نهج الابتكار العكسي لتلبية احتياجات الأسواق الناشئة مثل الأسواق الافريقية. ويستطيعون تقديم منتجات مشتقة أو بديلة بأقل تكلفة مما ينتجونه للسوق المحلي في حال وجود انتاج فعلي لديهم. أو التعاقد مع الشركات الكبرى الغير مهتمة بالدخول للأسواق الناشئة – بسبب تكلفتها عليهم أو اكتفائهم بالأسواق الغنية – للقيام بإنتاج مشتق من منتجات هذه الشركات الكبيرة وتقديمه في الأسواق العالمية الناشئة تباعاً ومن ثم الأسواق الغنية متى وجدت الفرصة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال