3666 144 055
[email protected]
في مرحلة زمنية سابقة كانت الاعمال المهنية والحرفية ليست بالأهمية التي تُكسب الشباب الانخراط بها ومزاولتها، كان حينذاك مفهوم العيب مكّون ثقافي واجتماعي احدث فجوة واسعة بين العمل المهني والطلب عليه مما دفع الى كتابة العديد من الدراسات والمقالات لتقريب هذه الفجوة ثم ما لبث أن أخذ البعد الاعلامي الحيز الأهم في نشر ثقافة العمل فخلقت بالتالي وسائل الاعلام استراتيجية طموحة لبناء الجذب المأمول واذكر انني كتبت في العام 1419 هـ مقالًا طويلا بصحيفة الرياض تحدثت فيه آنذاك عن تحقيق خطوات إيجابية في توجه شبابنا للعمل المهني وطالبت وسائل الاعلام ببث الوعي وتعزيز المحتوى الإعلامي نحو أهمية التدريب المهني وثقافته المجتمعية والذي سيغير الكثير من المفاهيم الاجتماعية حول هذه الثقافة إضافة الى تضافر بقية الأطراف المجتمعية تزامنت تلك الفترة مع الانتشار الأفقي للتدريب المهني والتقني حتى اصبحت اليوم المراكز والمعاهد والكليات في كل مكان.
لطالما يؤسس الخبراء للاستثمار في رأس المال البشري ومع أهمية هذا البعد اصبح تعزيز القدرات البشرية بالاقتصاد المعرفي وربط أساليب التعلم والتدريب بالتكنولوجيا ذا أهمية على نحو يحقق مخرجات قادرة على خوض غمار المستقبل وفق اهداف وبرامج رؤية المملكة 2030 والتي ركزت على أهمية التأهيل والتدريب وتطوير المهارات المعرفية للأفراد ليتمكنوا من القيام بدورهم المأمول وصولاً الى مجتمع حيوي واقتصاد إنتاجي مزدهر ، وأي علاقة مستقبلية لبناء المخرجات تتطلب شراكة حقيقية بين الأطراف المنفذة والمستفيدة من مخرجات التعليم ، نعم تبلورت الافكار والخطط الى ممارسات فعلية وأصبح الشباب يؤمنون بأهمية العمل الحر والذي بدوره يعد احد اهم مكتسبات الاقتصاد السعودي وهذا بدوره ينقلنا الى تعاظم مؤكد في نمو الناتج المحلي الاجمالي واستكمال مسيرة نهضتنا التنموية في كافة القطاعات.
مؤخراً وبعد نجاح خمس نسخ من مبادرة أُتقن وهو برنامج تدريب مجتمعي طموح تبنته المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في كافة مدن المملكة يبدو جليًا نجاح هذه الفكرة التي استطاعت في نسختها الأخيرة أن تؤهل اكثر من ١٥.٦ ألف مواطن ومواطنة في مختلف الاعمال المجالات والجميل أن هذه الدورات المقدمة متغيرة وتتطور مع مستجدات الحياة الاقتصادية ونموها المتسارع والمتجدد حتى ان الأمن السيبراني بات احد ابرز البرامج التي تحظى بإقبال كبير ، برنامج أُتقن الناجح يقول ببساطة : أيها المواطن والمواطنة الاعزاء لا داعي لأن تنفق تكاليف إضافية في طلب الصيانة لمنزلك او أغراضك ومقتنياتك نحن نقوم بتدريبك على صيانتها والقيام بها بنفسك فوفر أموالك مقابل هذه الفرصة التي اعتقد شخصيًا انها اكثر من مثالية ولها ابعاد اقتصادية كثيرة على كافة المستويات .
والحق يقال بأن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ومحافظها القدير الدكتور أحمد بن فهد الفهيد أوجدت مساحات واسعة من توفير حزمة مهمة وبجودة عالية وحديثة من التدريب لكافة شرائح المجتمع السعودي أينما كانوا واكبها في ذات الاتجاه غرس لقيم وثقافة العمل المهني الحر حتى تلاشى تماما ما تبقى من ترسبات حول مفهوم ثقافة العيب فأصبح بالتالي التدريب التقني والمهني اليوم احد اهم الرغبات لشبابنا واضحى منظومة تتكامل معها الأهمية والجودة حتى أن ذلك انعكس مؤخرا على تحقيق المملكة تقدماً خمس مراكز من الدول الجاذبة للكفاءات ضمن التصنيف العالمي إضافة الى ما حققته المؤسسة من نجاحات دولية وجوائز عالمية على مستوى الابتكار لشبابنا حيث حققوا مؤخرا ست ميداليات (ذهبيتين، وفضيتين وبرونزيتين) في معرض IENA الدولي للابتكارات بنورمبيرغ في ألمانيا بمشاركة أكثر من 800 مبتكر يمثلون 30 دولة من مختلف أنحاء العالم.
اليوم بمقدور اي سعودي او سعودية التدرب على صيانة كهرباء المنازل ، صيانة الجوال ، التمديدات المنزلية للكهرباء صيانة أجهزة الحاسب الآلي والدعم الفني صيانة وخدمة السيارات، ادارة الفعاليات الترفيهية والمناسبات التزيين النسائي والتجميل ، الخياطة وغيرها من مختلف التخصصات المهنية والتقنية بما يتجاوز اكثر من 16 دورة تدريبية في مختلف منشآت التدريب المنتشرة في كافة ارجاء بلادنا الغالية فشكرا لهم بحجم السماء على هذا الإنجاز العملي الجميل .
مجمل القول: لم يعد هناك تردداً نحو الاعمال المهنية فكل شيء بات مصدرًا للفخر والاعتزاز بالعمل الشريف فرص التدريب اضحت واسعة مكانياً وزمنياً في هذا المجال بهدف تحقيق الذات والمهنية نحو معطيات ناجحة في حياة الانسان، والاقتصاد الانتاجي الحديث يواصل كفاءته واداءه بفعالية عالية في بلادنا الغالية لم يعد هناك عيبًا او مستحيلًا شبابنا تخلص من مثالب الفشل الى النجاح واثبات الذات والإيمان التام بأن العمل ولا سواه تأصيل مهم في ثقافته فنراه حاضرًا بوعيه مستنيرًا بعلمه وعطاءه ناجحًا بقيمه ومهارته لا نزايد على هذا العطاء الا بالمزيد من الدعاء فلهم منّا الدعم وحقائق من الوفاء ، تذكروا ان الحياة جميلة بالحراك المبهج لشبابنا عندما نراهم ونجدهم في كل مكان فبسواعدهم تُبنى الأوطان ونسمو بهم نحو رقي الانسان.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734