الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تصدر الشركات المساهمة العامة الأوراق المالية بمختلف أنواعها من أسهم وسندات، كما تصدر شركات الاستثمار حصص الصناديق الاستثمارية للعموم من أفراد ومؤسسات. وسوف نهتم هنا بشكل رئيسي بالإصدارات من الأسهم العادية التي تطرحها الشركات من خلال الإصدار العام لأول مرة عند الحاجة لتجميع الأموال لرأس المال وبداية نشاطها، ويسمّى بالإصدار العام الأوليّ. وهناك ثلاث حالات محتملة فيما يتعلق بتغطية الإصدار من قبل المكتتبين المحتملين، وهي التغطية الكاملة 100% Fully Subscribed والتغطية الجزئية باقل من 100% Under subscription والتغطية الفائضة بأكثر من Over subscription .
تنظر الشركات بعين الأهمية القصوى للتغطية من جانب توفير الأموال اللازمة لبدء أنشطتها وكذلك يعبّر مقدار نسبة التغطية عن ثقة المجتمع الاقتصادي بالشركة واحتمالات نجاحها المستقبلي. وبالتالي فإن إدارة الاكتتاب الناجحة ستمكّن الشركة من عبور جسر سوق الإصدار (السوق الأولي) لكي تبدأ الورقة المالية رحلتها في السوق الثانوي بسعر مستقر يعبّر عن قوة الشركة والتفاؤل بمستقبلها. ولذلك فإن الشركات توكل إدارة هذه الإصدارات إلى بيوت الخبرة المالية من بنوك استثمار ومؤسسات مالية متخصصة.
على الرغم من أن نسبة تغطية 100% ستكون كافية للحصول على المبالغ المطلوبة، إلا أن ما يزيد عنها سيكون مهماً للشركة المصدرة من عدة جوانب؛ من أبزها أنه سيمكّن الشركة من طرح أسهم إضافية على العدد الذي تم طرحه، وبسعر أعلى في أغلب الحالات، كما في حالة طرح شركة فيس بوك عام 2012 الذي طرحت فيه الشركة 337 مليون سهم ثم زادته إلى 421 مليون سهم، كما رفعت السعر من نطاق$28 – $35 إلى نطاق $34 – $38للسهم الواحد. كما أنه سيتيح للشركة في المستقبل إمكانية الحصول على التمويل من مصادره المختلفة بمرونة ويسر. يضاف لما سبق أن زيادة نسبة التغطية ستعبّر بشكل قوي عن مدى ثقة المؤسسات والأفراد بالشركة وتعطيها دفعة قوية ستنعكس إيجابياً على القيمة السوقية للورقة المالية حال طرحها في السوق الثانوي. أما في حالة التغطية الجزئية، فإن هذا يعتبر كابوساً للشركات يتمثل بحدوث عكس ما ذكرنا في حالة التغطية بأكثر من100% تسعى لعدم حصوله من خلال التعامل مع المؤسسات المالية وبنوك الاستثمار للتعهد بالتغطية لضمان وصول النسبة إلى التغطية الكاملة.
لغاية تقييم نجاح الطرح بشكل موضوعي فإنه تلزمنا المقارنة بين الطروحات المختلفة للشركات. ولكن هذا التقييم سيواجه بعدم توفر نسبة مرجعية لنسب التغطية بسبب تأثير عدة عوامل فيها؛ مثل نوع الإصدار (أوليّ او ثانوي أو استثنائي)، ونسبة ما تصدره الشركات من مجموع أسهمها، وعددها وسعر الإصدار وعملة الإصدار ومكانه….الخ. وهذه كلها يجب أن تؤخذ عند التحليل والمقارنة الموضوعية لنسب التغطية والحكم عليها. ومن نافلة القول بأنه وبكل الحالات لا يجوز أن تقل النسبة عن التغطية الكاملة بالحد الأدنى، وما فوق ذلك يخضع للمقارنات وتحليل ظروف كل طرح حالة بحالة.
إن إدارة الاكتتاب لا تتعلق فقط بما تتضمنه نشرة الإصدار من بيانات مالية مدروسة بدقة عن الشركة وجدوى الاستثمار فيها على أهمية ذلك كله، حيث أن هناك مجموعة من العناصر التي قد لا تظهر بشكل مباشر وتحتاج إلى اهتمام كبير حتى يؤتي الاكتتاب أكله على شكل معدل تغطية مرتفع ما أمكن ذلك. ومن هذه العناصر ما يتعلق بالمحتوى المعلوماتي لما تتضمنه نشرة الإصدار وما يرافقها من حملات إعلانية ومدى فهمها واستيعابها من قبل المكتتبين المحتملين، ومدى واتجاه تأّثرهم بها (نظرية الإشارة)، وتوقيت الطرح والعوامل الثقافية (ثقافة المجتمع المالية ومستوى التزامه الديني). وهذا ما سنعرضه في المقال التحليلي التالي الأسبوع القادم بإذن الله تعالى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال