الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خلال الأيام الماضية، قامت حملة سلبية في منصة تويتر على السجائر لدينا بشكلها الجديد الموحد الذي يظهر فيه اسم العلامة التجارية بخط صغير على العلبة، مزودة بتحذير صحي على شكل صورة حقيقية توضح أثر التدخين على أعضاء الجسم. وقد أشارت الاحصائيات أن هذا الشكل الجديد أثبت فعاليته في انخفاض أعداد المدخنين، حيث كانت استراليا أول دولة تستحدث هذا النظام، وبدأت في تطبيقه عام 2011.
وقامت أيضاً بوضع قوانين أخرى إضافة لتغيير الشكل الخارجي لعلب السجائر وهي:
– إخفاء علب السجائر في المحلات، بوضعها داخل خزانات تخفيها عن الأنظار.
– تلوين تلك الخزانات بلون رمادي معدني قاتم.
حيث قامت الإدارة المعنية هناك بعمل الدراسات اللازمة لسلوك المستهلك، وانتهت تلك الدراسات بأن رؤية علب السجائر يحفز على شرائها، وأن أكثر لون غير مريح ومنفر من وجهة نظر المستهلكين، كان اللون الرمادي المعدني. فتم على الفور استخدام تلك النتائج على شكل قوانين يتم عقاب من لا يطبقها. ويبدو أن تلك القوانين نجحت في خفض أعداد المدخنين الاستراليين بنسبة لا تقل عن 11 ٪.
ونعود للتجربة المحلية للحملة التي شنها المغردون في تويتر اعتراضاً على السجائر الجديدة، حيث كانت أكثر الشكاوى هي وجود نشارة خشب، وتغيير في الطعم والرائحة مقارنة بما قبل التغليف الجديد. فتم نشر العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تقارن وتوضح وجود مواد مغشوشة داخل كل سيجارة. ومن خلال المتابعة لهذا الموضوع، اتضح التسلسل التالي:
-حملة سلبية في تويتر يتم فيها الشكوى لوزارة التجارة، وزارة الصحة، هيئة الغذاء والدواء وأشهر شركات التبغ العالمية.
– ظهور في أحد الصحف تصريحاً من وزارة التجارة يفيد عدم مسؤوليتها عن السجائر الجديدة وأنها من اختصاص وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء، اتضح عدم وجود هذا التصريح لا حقاً.
– تداول المغردون على نطاق واسع منشور تحذير، يحمل اسم وزارة الصحة يفيد بانتشار سجائر مجهولة المصدر ومغشوشة وتسبب حالات فتق في الرئة.
– توضيح من المتحدث الرسمي لوزارة الصحة عبر حسابه في تويتر، بأنه لا صحة لما يتم تداوله بخصوص المنشور من انتشار سجائر مجهولة المصدر وأنه ليس صادراً من الوزارة.
-نشر هيئة الغذاء والدواء توضيحاً مفاده بأن السجائر الجديدة ليست مغشوشة وأنها مطابقة للمواصفات والمقاييس.
لا أستبعد اطلاقاً بأن تكون تلك الحملة بقيادة شركات التبغ وذلك كنوع من مقاومة للقرار الذي أثبتت فعاليته دولياً، إلا أن المثير للانتباه في هذه الحالة هو تصورات المدخنين أنفسهم من أن هذا الجديد مغشوش، بينما الجهة الرسمية تؤكد عدم صحة ذلك. فهل للتغليف أثر في تلك التصورات؟ حيث لا يخفى علينا كمسوقين وباحثين من أثر وقوة التغليف في التصورات وقرارات الشراء.
وهذا يقودنا لملاحظة أخرى، وهي أن تصورات الجودة والأصالة لمنتجات معينة في أذهان المستهلكين، قد لا تكون في مجملها صحيحة، ومثال على ذلك، أن مواصفات العطر الأصلي في أذهان المستهلكين يرتبط بثبات العطر لساعات طويلة، بينما وضحت هيئة الغذاء والدواء بوجود عطورات في السوق تتميز بثباتها الطويل وهي مغشوشة، بل وتم استخدام مكونات ضارة هي التي تساعد على ثبات العطر لساعات طويلة، وهذا يخالف جملة وتفصيلاً تصورات المستهلكين عن مواصفات العطر الأصلي.
خلاصة القول، فهم سلوك المستهلك، هو الخطوة الأولى للوصول إليه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال