الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تناولنا في سلسلة مقالات سابقة أثر عمليات غسل الأموال على الاقتصاد وآليات مكافحتها في عدة قطاعات مثل البنوك والجمارك، اليوم سنستعرض بشكل مبسط أثر هذه الجريمة على معدل التضخم.
أولاً يجب أن نعرف التضخم، الكلمة التي تتداول كثيراً في قنوات الاقتصاد وأخباره وحتى حديث المجالس، ويقصد بالتضخم أنه ” الحالة التي يكون فيها تيار النقود أو الطلب على السلع والخدمات بصفة عامة أكبر بشكل متواصل، وربما بشكل متزايد، من قيمة الحجم المتاح، على أساس الأسعار الجارية، لهذه السلع والخدمات بصفة عامة.”
كما يمتاز التضخم بمصاحبته لخاصيتين تشكلان خطورة كبيرة أولهما أنه الظاهرة الاقتصادية الوحيدة التي لا تخلق تلقائياً آلية تحد منها وتكافحها، فارتفاع ثمن سلعة معينة قد ينفر من السوق نسبة من طالبيها ويؤدي نقص الطلب وبقاء العرض إلى هبوط الثمن كما هو متعارف عليه، أما الخاصية الثانية فترتبط بالأثر الاجتماعي بالغ الخطورة فيعتبر أحد أجشع الطرق لإعادة توزيع الدخل القومي لصالح الفئات الثرية بشكل يكاد يكون حصري وخاصةً لمصلحة المشتغلين بالمال والأعمال ضد محدودي الدخل.
ويعتبر تأثير غسل الأموال على معدل التضخم مثله مثل كافة المتغيرات الاقتصادية والمالية المختلفة، حيث تؤثر عمليات غسل الأموال بشكل سلبي وخطير على معدلات التضخم، حيث أن هذا النوع من العمليات سواء تم في صور نقدية من خلال البنوك والقنوات المصرفية أو حتى في صور عينية من خلال شراء الذهب والعقارات والسلع المعمرة يؤدي في جميع الأحوال إلى رفع معدلات التضخم وخاصة في الاقتصاديات التي تنتشر بها، ويتسبب ذلك في إغراق السوق بكميات كبيرة من الأموال التي تجد طريقها إلى عادات الإنفاق الاستهلاكي من خلال شراء السلع المعمرة والعقارات.
ومن جانب آخر، يؤدي غسل الأموال إلى تدفق نقدي غير طبيعي نحو الاستهلاك، خاصةً لدى فئات معينة تتصف بعدم الرشد في الانفاق المذكور، مما يؤدي بكل تأكيد إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار، وحدوث تضخم عادةً ما يؤثر على القوة الشرائية للنقود ويدهورها.
ويمكن القول بأن هناك علاقة طردية بين عمليات غسل الأموال ومعدل التضخم، حيث أنه كلما زادت عمليات غسل الأموال وتزايد حجمها ارتفع معدل التضخم، في المقابل هناك علاقة عكسية بين التضخم وبين معدل النمو الاقتصادي ومعدل الاستثمار، فكلما زاد معدل التضخم انخفض معدل النمو الاقتصادي ومعدل الاستثمار.
ويجدر الإشارة إلى أن معدل التضخم يتزايد في الدول النامية أكثر من الدول المتقدمة بسبب تردي البنية الاقتصادية في تلك البلدان، وزيادة حجم المديونية وتسرب الأموال وغير ذلك من الأسباب المحفزة للتضخم.
الدراسات والأبحاث لاستكشاف حلول تلقائية تحارب هذا التضخم يقتضي بكل تأكيد تقييم احتياجات كل سوق وتشريع الضوابط المنظمة لذلك، وبالطبع يلعب الوقت الكافي دور كبير لاستحداث هذه الحلول والسبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال