الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تكلمنا في مقال سابق تحت عنوان أسس اختيار الشركات عن الشركات الرائعه وعرفنا الشركات الرائعه بانها الشركات اتي تخلق ميزة تنافسية يصعب على المنافسين استنسخها بسهولة من خلال الابتكار والتطوير . قد يكون الابتكار في المنتج مثل ابل او اعادة تصميم سلسلة القيم مثل شركة زار للملابس او من خلال نموذج الأعمال مثل المراعي وIBM,.
في هذا المقال نحاول الإجابة على سؤال محوري وهو لماذا تمتاز بعض الشركات بالابتكار – الذي يعرفه رئيس شركة أبل ستيف جوبز creativity is just connecting things ويعرفه Peter Druker صاحب كتاب Concept of Corporation الابتكار هو التغير الذي يخلق ابعادا جديدة للاداء (change that create a new dimension of performance ) بينما تعيش بعض الشركات حالة من الجمود؟ وقبل هذا السؤال نتساءل ماهي ضرورة الابتكار؟, جرير,IBM,IKEA من السمات المشتركة بين هذه الشركات معدل النمو المستمر, ارتفاع هوامش الربح , ارتفاع العلاوة مقارنة بالسوق.هذه السمات الإيجابية نتجة روح الابتكار . ف جرير استطاعت من خلال لقوة الابتكارية ان تعيد تعريف المكتبة فهي لم تتنافس مع العبيكان او مكتبة المكتبة بل قدمت نموذج جديد للمكتبة. IKEA استطاعت النجاح في تجارة المفروشات في قطاع التجزئة لانها قدمت فكرة اعملها بنفسك .
الابتكار ضروره لنجاح الشركات الجديدة حيث اثبت الدراسات الاكاديمية ان اغلب الشركات الجديدة تفشل لافتقارها لاستتراتيجية مبتكرة تختلف تما عن الشركات الرائده في نفس القطاع , , لاحظ بنك الانماء لم يحقق نجاح يذكر لانه لم يستطيع يقدم استراتجية مبتكرة فهو يحاول منافسة البنوك القائمة بالمقابل استطاع مصرف الراجحي ان يحقق نجاحات سريعة ومتتالية لانه ركز على تقديم خدمة مختلفة ” البنوك الاسلامية”.
يقول Constantions C. Markides وهو بروفسور في جامعة لندن للاعمال في كتابه Game-changing Strategy انه من خلال دراسة للشركات الناجحة وصل الى نتيجة بان الشركات الناجحة هي الشركات التي لا تحاول لعب نفس اللعبة بطريقة افضل بل هي الشركات التي تحاول تغير قوانين اللعبة من خلال الابتكار . البروفسور Govindarajan وهو من ابرز العلماء الذين يتحدثون عن الابتكار وله العديد من الكتب مثل الابتكار المعاكس ولكن كتابه ( حل الصناديق الثلاثة) يعتبر كتابا مثير ويحتاج الى بعض التامل فهو يعتقد ان الشركة لتكون مبتكرة علبها التعامل مع ثلاث صناديق . الصندوق الأول إدارة الشركة في الوقت الحاضر , الصندوق الثاني وهو في الحقيقة يشكل تحدي ويحتاج الى فهم عميق –النسيان الانتقائي للماضي- لان العوامل التي تسببت في نجاح الشركة قد تحجبها عن رؤية المستقبل وتكون سبب في فشلها وعلينا ان نتذكر نوكيا لقد سقطت نوكيا بسبب غياب الرؤية الإستراتيجية والإعتماد على نجاحات سابقة , اما الصندوق الثالث يتعلق بخلق المستقبل . والتحدي هو الموازنة بين الصناديق الثلاثة فالشركة عليها تحقيق اقصى كفاءة انتاجية في الوقت الحاضر وابتكار نموذجا جديدا لممارسة أنشطة الشركة مستقبلا متحررة من قيود الماضي و في اعتقادي ان شركة مايكروسوفت استطاعت ان توازن بين هذه الصناديق الثلاثة مما يجعلها اكبر الشركات عالميا وتبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار .
ونعود للتساؤل لماذا تمتاز بعض الشركات بالابتكار بينما تعيش بعض الشركات الجمود؟ الإجابة على هذا التساؤل الكبير ببساطه التحدي والقلق الايجابي . ولشرح هذا المفهوم البسيط او العميق نستعين بقصة الرئيس التنفيذي للشركة جنرال اللكترك ( General Electric) Jack Welch فعندما استلم قيادة الشركة في 1980م وكانت الشركة جيدة من حيث المؤشرات المالية خلق مايسمى المشكلة الإيجابية )(a Positive crisis ) من خلال اعادة هيكلة كبيرة ومؤلمة جعلت الشركة من افضل الشركات الأمريكية وارتفع سعرها من دولار واحد في عام 1980 الى 5.3$ في عام 1990 وعلى الرغم من هذا النجاح الكبير لم يستسلم الى هذا النجاح بل قام باعادة هيكلة كبيره في عام 1997م لتنسجم من أهداف نوعية اخرى على الرغم من النجاح الكبير مقاسا بعائد على حقوق المساهمين 25% وارتفع سعرها ليسجل في اكتوبر 1997م 24.5$ . لقد لخص Jack فكرة في خطابه في مدينة نيورك ” النمو السريع في اقتصاد النمو البطىء ” . لقد ارتفعت قيمة الشركة خلال فترة قيادته (1981-2001) 4000%.
احد الابحاث اشارت الى عشر اسباب تجعل الشركات تفتقر الى روح الابتكار من اهمها الخوف والافتقار الى فعالية القيادة ونقص المعرفة المهنية بالإضافة الى البيروقراطية . فالشركات التي تعيش حالة الجمود وتفتقر الى وح الابتكار شركات لا تتوفر لديها قيادات جريئه لديها رؤية ومعرفة فنية تجعلها تتبنى اهداف طموحة وتستطيع ادارة المخاطر بدلا من تجنبها. وكما يقول نورمان فيسنت ” اعظم مخاطرة في الحياة هي عدم المخاطرة”. فالرئيس التنفيذي لشركة حنرال الكترك كان يتمتع بمعرفة مهنية عالية فقد كان مهندسا ميكانيكا وكانت لديه رؤية وجرأة في اتخاذ قرار ينطوي على مخاطر عالية تمثلت في اعادة الهيكلة المؤلمة وتبني اهداف طموحة.
الشركات التي تفتقر الى الابتكار تهدف الى ابقاء حالة الاستقرار وتمتاز بالرضا عن الانجازات السابقة وبالثقة المفرطة وتعمل بقوة المخزون المعرفي ضمن اطر بيروقراطية ونموذجها العقلي يولد تفكير غير نشط a Passive thinking يجعل من الصعب عليها مواجهة التغيرات وتعجز عن التنبؤ بالتحديات المستقبلية . وفي العادة ادارتها العليا وخصوصا الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الادارة ييستمرون في قيادة الشركة لمدة طويله ويحجب نجاحاتهم الماضية رؤية المستقبل مما يحعلهم يفتقرون الى اهداف طموحة لتحقيقها وتكون مقياسا لمكافآتهم … لنتامل في قول DOW مؤسس شركة داو الكيميائية ” اذا كنت لا تفعل ذلك افضل , لماذا تفعل ذلك ” انه قول يعكس الاهداف الطموحة ويجسد الالتزام بالابتكار وتحمل مخاطر عدم اليقين من اجل توليد فرص تحقق النمو المستدام.
الشركات التي تفتقر الى الابتكار ليس بالضرورة شركات تفتقر الى المؤشرات المالية الجيدة فمثلا شركات الاسمنت تمتاز بارتفاع العائد على حقوق الملكية ويارتفاع الارباح الموزعة مستفيدة من دعم مدخلات الانتاج ولكنها في نفس الوقت شركات تفتقر الى روح الابتكار مما يجعلها عاجزه عن مواجهة تحديات مثل تخفيض اعانات مدخلات الانتاج او انكماش الطلب على الاسمنت وهذا ما حدث في الوقت الحالي ..مثل هذه التحديات تضعها امام خيارات صعبة.
ملخص المقال وهدفه تشجيع الشركات على تبني ثقافة الابتكار وجعلها احد قيمها التي على اساسها تقيس انجازتها وعدم الاكتفاء بالمقياس الماليه للنجاح. اذا ذلك يتطلب تغير منحى التفكير في اختيار القادة ومكافأتهم وقياس أدائها, كما يتطلب تغير في الهياكل التنظيمية بحيث تكون اكثر مرونة وأقل بيروقراطية وخلق بيئة تشجع الافكار الرائدة . ان مثل هذا الشركات هي وحدها التي تنتج قادة يستطيعون اتخاذا القرارات التي تنطوي على الجراءه والتي تخالف الاتجاه العامه في التفكير، وتشجيع وتقبل مخاطر هذه القرارات في جميع اتجاهات الحياة ، لأن مثل هذه القرارات وحدها التي تحدث قفزات يستفاد منها بشكل كبير ويستمر تأثيرها امداً طويلاً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال