الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الاقتصاد السلوكي علم بدأ يستحوذ على تفكير المجتمعات والعالم ، فهناك الكثير من الكتب الاقتصادية التي تطرقت له وأشارت إليه ، فهو يدخل في جميع المجالات و الأعمال و القرارات وحتى في صنع السياسات سواء للأفراد أو للمؤسسات .
تعريفه ببساطه كما وصفه ريتشارد ثالر أحد مؤسسي هذا المجال بأنه ” مزيج بين الاقتصاد وعلم النفس” مما يجعله أكثر دقة وواقعية عندما يتم تفسير سلوكيات البشر.
فالاقتصاد السلوكي يجمع بين ذكاء ومتعة علم النفس مع دقة وأهمية الاقتصاد.
لتبسيط مفهوم الاقتصاد السلوكي سأتطرق للنظرية الاقتصادية التقليدية: نظرية تقوم على افتراضات معروفة من أهمها افتراض الرشد و العقلانية عند الشخص في اتخاذ أي قرار.
فهو يستغل الموارد بشكل أمثل ويعظم منفعته بأقل تكلفه وبالتالي فهذا الشخص يسعى لاتخاذ القرار الأكثر رشداً في مقابل التكلفة التي يدفعها بناءً على المعلومات المتاحة له.
عكسه تماما الاقتصاد السلوكي فهو قائم على مبدأ أن الانسان لا يتصرف ابدا بعقلانية ورشد في استهلاكه أو استثماراته او قرارته التي يتخذها فهو يتأثر بعوامل عاطفية واجتماعية ونفسيه عند اتخاذ أي قرار.
فالاقتصاد السلوكي يقوم على فهم لماذا يتخذ الناس قرار ( أ ) بدلا من قرار ( ب ) ، فهو يفترض أن قرارات الناس قائمة على إشباع رغبتهم الحالية وتحقيق السعادة الحالية على حساب مصلحتهم في المدى الطويل.
كمثال على ذلك أن الناس تتخذ بعض القرارات حتى لو كانت ضد مصلحتها الخاصة.
فمثلا : أغلب الناس لا تتصرف بشكل عقلاني ولديها تدني مقدرة على التخطيط واتخاذ القرارات المناسبة لهم بدليل أن الغالبية لا تخطط كيف ستسقبل سنة التقاعد ، كم من المبالغ ستدخر أو ماذا تفعل مستقبلا.
أيضا من أهم الأمراض الشائعة في عصرنا هي السمنة على أن الانسان يعرف خطورتها ومسبباتها لكن يسعى لها دون عقلانية أو تخطيط.
فالاقتصاد السلوكي يفسر هذه القرارات التي هي ضد مصلحة الانسان ومدى تأثر السلوك البشري بالعوامل العاطفية والنفسية.
من أهم رواد هذا العلم الاقتصادي الأمريكي أستاذ اقتصاد وعلوم سلوكية في جامعة شيكاغو
( ريتشارد ثالر (Richard H. Thaler) حاز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية بسبب مساهماته في الاقتصاد السلوكي. ❰ له مجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ ملخص كتاب التنبيه / الوكزة وكيف يمكن للتغيرات البسيطة هندسة اختياراتك ❝ ❱ (Nudge)
فكر ريتشارد بكيفية دفع الإنسان للقرارات دون أن يتحكم بحرية قراره التي تعتبر حقا من حقوقه ، وجد الحل بإبتكار طريقة الوكزة (Nudge) وهي أن تعطي الأشخاص ترغيبا لإتخاذ قرار معين دون الآخر.
قامت العديد من الشركات بتطبيق هذه الوكزات لزيادة أرباحها فهي تقوم على تحليل قرار وسلوك المستهلك من خلال ترغيبه والتأثير عليه ، على سبيل المثال تستخدم بعض شركات التجميل والمستحضرات التجميلية اعلانات ترويجية لمستحضراتها بخواص مختلفة مثل “للبشرة الحساسة” وتعرض بأسعار مختلفة.
أيضا ترتيب البضاعة في المحلات بطريقة ما لإختيار السلعة تعتبر وكزة ، فوجدوا ان السلع التي توضع على الرف الموجود في مستوى نظر الانسان أعلى مبيعا من الموجودة في الأرفف العالية أو البعيدة.
تطرح بعض الشركات اجهزتها باسعار فوق السعر المحدد للبيع فيه ، بعد ذلك تقوم بعمل اعلانات وخصومات لجذب المستهلك والتأثير على قراره وفي النهاية تم بيعه بنفس السعر المحدد أساسا.
لماذا اختيارات الإنسان غير عقلانية ؟ هذا يرجع لعدة أسباب من أهمها : اللذة الحالية و المغريات فمثلا عند أكلك
قطعة من الحلويات الآن فإنك ستستمتع في هذه اللحظة و لكن زيادة الوزن ومرض السكر يصيبه بعد فترة، فالاستمتاع بقطعة الحلوى لذة حالية أما الصحة فلذة مرجئة، والنغزات التي تستخدم هنا هو تقليل التعرض للمغريات.
الإنحياز للوضع الحالي : تستصعب الناس التغيير وتستسلم لأوضاعهم الحالية حتى لو كانت أسوأ، ومثال على ذلك تجربة في إحدى البلاد أرادت الحكومة زيادة عدد المتبرعين بالأعضاء بعد وفاتهم، فصممت استبيانا فيه خانة أريد التبرع وأعطته للمتقدمين لإستخراج رخص القيادة، ولكن نسبة الاستجابة كانت قليلة بالرغم من حملة التوعية المناسبة، فقامت الحكومة بعمل نغزة Nudge تعتمد على الانحياز للوضع الحالي وصممت استبيانا آخر وضعت فيه الاختيار على خانة أوافق ومن حق الشخص إزالة العلامة، وجدوا أن نسبة المتبرعين ارتفعت كثيرا.
وغيرها العديد من الأسباب التي تجعل قرارات الانسان غير عقلانية و يتخذ قرارات عكس رغبته الفعلية ، إضافة إلى تأثير هذا العلم على الانسان والمؤسسات ، بدأت الحكومات تتخذ قرارات بناء على الاقتصاد السلوكي وهناك فعلا قصص نجاح أثبتت في بعض الدول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال